213

والكلام فيه يتعلق بموضعين، أحدهما: تصحيحه، والثاني: في وجه الإحتجاج به.

أما الكلام في صحته: فهو مما علمته الأمة، وأطبقت على نقله لشهرته، ولم يعلم من أحد منها دفعه؛ فجرى مجرى الأخبار المتعلقة بأصول الدين كالصوم والصلاة كما قدمنا.

وأما الكلام في وجه الإستدلال به: فذلك أظهر؛ لأن قوله -عليه السلام- ((إمامان)) تصريح لهما بالإمامة، وتنبيه بطريقة الأولى لأهل الإستدلال على إمامة أبيهما -عليهم السلام- بقوله: ((خير منهما))، ثم أكد ذلك بقوله: ((قاما أو قعدا))؛ لأنا نعلم ضرورة أنه -عليه السلام- لا يريد قيام البنية المنافي لقعودهما، وإنما يريد قيام التصرف في الأمة بإنفاذ الأحكام، وقعود المانع من ذلك كما فعلا -عليهما السلام- لما غلب معاوية - لعنه الله- على الأمر؛ لأن لفظ الإمام قد صار بعرف الشريعة إذا أطلق لم يفهم منه إلا ملك التصرف على الكافة ، وذلك قصدنا بالإمامة، فثبت بذلك إمامتهما-عليهما السلام-.

فإن قيل: إن ظاهر الخبر يوجب إمامتهما -عليهما السلام- في وقت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ووقت أبيهما، واشتراكهما في وقت الحسن -عليه السلام-، وأنتم لا تجيزون إمامين في وقت واحد.

قلنا: الأمر كما حكيتم عنا، وظاهر الخبر كما قلتم، ولكنا خصصنا وقت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ووقت أبيهما -عليه السلام- ووقت الحسن -عليه السلام- بإجماع الأمة ، والإجماع دليل يجوز تخصيص الكتاب والسنة، وإجماعهم -عليهم السلام- وهو حجة - أيضا -، كما قدمنا، على أن التصرف في الأمة لا يجوز لأحد في زمن النبيء إلا بإذنه -عليه وآله السلام- وكذلك زمن علي -كرم الله وجهه- وزمن الحسن -سلام الله على روحه- ودخولهم -عليهم السلام- تحت أمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في حياته ، ودخولهما تحت أمر أبيهما -عليه السلام- في حياته أيضا، ودخول الحسين تحت أمر أخيه الحسن حتى لقي ربه مما يعلم ضرورة لكل من عرفهم، فلا وجه للتطويل في شرحه، فهذا هو الكلام في إمامتهما (-عليهما السلام-).

صفحة ٢٥١