فمن ذهب إلى عموم الجملة، وهو سائر النحاة، فرّق بين صحة السكوت [وحسن السكوت] بأن يقال: المراد بصحّة السكوت كونُ الكلام متضمّنًا للإسناد الأصلي، وكان مقصودًا لذاته.
فعلى هذا، اللفظ المفيد إذا كان مفسّرًا بصحّة السكوت يكون تعريفًا للجملة، وإذا كان مفسّرًا بحسن السكوت يكون تعريفًا للكلام.
ولذلك قال ابن هشام: ونعني بالفائدة.
سواء كان لذلك المفيد فائدة جديدة أو لا، فيندرج تحت تعريف الكلام، مثل: السماء فوقنا. هذا عند كثير من النُّحاة.
وأما عند سيبويه، وهو مختار أرباب المعاني، فالمفيد مفسّر بما يفيد فائدة جديدة، فمثل هذا المثال لا يكون كلامًا.
ما يَحْسُنُ السكوتُ عليه: أي يحسن سكوت المخاطب عليه، بحيث لا يحتاج إلى لفظ آخر ليفيد فائدة تامّة، فيندفع كلامُ بعض الفضلاء بأنّ المراد بالسّكوت سكوت المتكلم دون سكوت المخاطب، لأنّ المخاطب [قد] يتوقّف إلى لفظ آخر في بعض الكلام التّام.
وأنّ الجملة أعمُّ من الكلام فكلّ كلام جملة، ولا ينعكس، أي: كلُّ جملة كلامًا. ألا ترى أنّ نحو: قام زيد من قولك: إن قام زيد قام عمرو، يسمّى جملة ولا يسمّى كلامًا لأنّه لا يحسن السكوتُ عليه.
لما عرفت أن الكلام ما تضمّن للإسناد الأصلي، وكان مقصودًا لذاته، فالجملة الواقعة خبرًا، أو وصفًا، أو حالًا، أو شرطًا، أو صلة، ونحو ذلك جملةٌ وليست بكلام، لأنّ إسنادها لم يكن مقصودًا لذاته، والجملة ما تضمّن الإسناد الأصلى سواء كان مقصودًا لذاته أوْ لا.
1 / 13