وسلم، وإن جعلهما أحد في إناء لم ينجس؛ إذ لم يتيقن نجسهما، وقال داود وإسحاق والطبري: نجس، ويستفاد من التعليل بأنه لا يدري أين باتت يداه أنه يندب له استنجاء قبله ودبره لعل يديه أخرجتا بللا منهما، فافهم يسر الله تعالى لك؛ ويستفاد أيضا أنه لا يمس بهما المصحف ونحوه مما لا يمس بنجس إلا بعد غسلهما، وهذا كله ندب واحتياط، (غسل يديه ثلاثا) أي ثلاث غسلات أو ثلاث مرات، (قبل إدخالهما في الإناء) أو غيره من مطلق ما يعامل إلا في الماء الكثير كالقلتين والحوض الكبير، (ولو) كانتا (طاهرتين) أي والحال أنهما طاهرتان في ظنه، وفي استصحاب الأصل لأن الطهارة أصل مستصحب، وإلا فلو تيقن نجسهما كان غسلهما واجبا لا مندوبا، يفعل ذلك (ثم يأخذ في الاستنجاء) فالعطف على محذوف أو ثم للاستئناف في قول من زعم أنه يجوز أن تكون له، وليست عاطفة لمصدر مدخولها على غسل، وإلا لزم كون الاستنجاء مندوبا إليه، والأخذ في الشيء الشروع فيه (مقدما) في الاستنجاء (لمخرج البول) أي موضع خروجه، وهو ثقبة الذكر يغسلها إلى أن يطمئن، وليحذر الوسواس كذا غيرهما، وقيل: يغسل ذكره خمس مرات، وقيل ثلاث مرات، هذا ولو أدخلهما في الإناء قبل الغسل ثلاثا لم يفسد على قول الندب، وفسد على قول الوجوب، ولا غسل إن كان يريد إدخالهما في الماء الكثير ويغسلهما في الكثير، (ثم يفيض الماء على يده) ثلاثا بعد تعميم الذكر بالغسل ثم يمنى بيضتيه ثم يسراهما ثم يجمعهما مع الذكر ثم يفيض الماء كذلك ثم ما بين البابين ثم مخرج الغائط من فوق بابه مستفلا بلا مجاوزة له مع استرخاء بإمهال لا بمرة
------------------------------
أي اليسرى التي يستنجي بها، واليمنى إن استنجى بها لعذر،
وإنما يفيض عليهما وليستا على ذكره، وهكذا إذا أراد أن يفيض أفاض عليهما وليستا على جسده إلا إن كان إن أفاض عليهما وهما عليه نظف الكل، وذلك لئلا يلحق ماؤها البدن وقد غسلها احتياطا، ثم يعمم الذكر بالغسل ثم يفيض الماء على يده (ثلاثا بعد تعميم الذكر بالغسل)، وذلك ليدخل على كل عضو بماء جديد طاهر غير ماء العضو قبله، كما أنه يستحب لمن أراد الاستنجاء مطلقا غسل يده اليسرى ليسبق الماء الطاهر النجس، (ثم) مقدما ل (يمنى بيضتيه ثم يسراهما ثم يجمعهما مع الذكر) في الغسل، (ثم يفيض الماء) على يده (كذلك) ثلاثا، (ثم) مقدما ل (ما بين البابين) تحت البيضتين وفوق ما يلي مخرج الغائط، (ثم مخرج الغائط) أي: موضع خروجه.
وأصل الغائط المكان المنخفض سمي به ما يخرج من البطن من الطعام لأنه يوضع فيه، أو الغوط وهو الحفر، وقيل: يجمع بيضتيه بالغسل بعد غسل كل واحدة ثم يفيض الماء على يده ثلاثا ثم يجمعهما مع الذكر بالغسل، ثم يفيض الماء، ولو قدم البيضة اليسرى على اليمنى لجاز، أو قدم الدبر على القبل، واحترز عن وصول النجس إليه لكفى، وإن لم يتغوط لم يجب غسله إلا إن وصله الماء النجس، وكذا إن تغوط ولم يبل لم يلزم إلا غسل موضع النجس، قيل: وينبغي غسل ذلك ولو لم يصله؛ دفعا للوسواس، وإنما يغسل مخرج الغائط (من فوق بابه مستفلا) ذاهبا إلى أسفل (بلا مجاوزة له) قبل أن يطهر، (مع استرخاء) لبدنه (بإمهال) قليلا قليلا حتى
صفحة ٦٨