واعلم أني معتمد في الشرح على أصح نسخ المؤلف فإنه كتب ثلاثا أو أربعا، وانظر لم لم يقف المؤلف العروض من البيت الأول، والجواب أن تقفية العروض جائزة أولوية لا واجبة، وانظر لم استعمل سناد التوجيه، فإن الروي ساكن وهو الدال فينبغي أن تتفق الحركة قبله وقد اتفقت في عد وجد، دون نكد ووجد، واختلافهما عيب، والجواب أن قوله يا قارئا مر به إلى آخر البيتين جاء به على أسلوب آخر غير أسلوب البيتين قبلهما وهذا في الرجز جائز، ووجدت في آخر الجزء الثاني من عرف النشرين " تلخيص مجمع البحرين ومطلع البدرين " من خط مؤلفه محمد بن محمد الكرخي الشافعي في خامس عشر صفر الخير سنة تسع مائة واثنتين وتسعين بيتين يشبههما ما للمصنف هكذا: يا ذا الذي طالعه إن راق معناه فعد وافتح لنا باب الرضى وإن تجد عيبا فسد (وسميته) عداه بالباء لتضمنه معنى الوسم، أو الباء زائدة، (بالنيل) رجاء من الله سبحانه وتعالى أن ينفع به كل من قرأه أو حصله أو سعى في شيء منه
----------------------------------------------
(بكسر النون، وأسماء الكتب أعلام أشخاص، ومسمياتها ألفاظ مخصوصة دالة على معان مخصوصة، هذا هو الصحيح رجاء) لا جزما، لأن المؤلف رحمه الله خائف راج ولو فيما لا يعرض فيه الخوف والرجاء، وهو ما عدا أمور الآخرة وأعمالها وأعمال العقاب، فإن ما عداها لا يكفر أحد فيه بعدم استحضار الخوف والرجاء، وقوله تعالى: {لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} ولو كان واردا عقب ذكر الإياس من أمر غير الجنة وغير رضى الله، لكن لا دليل فيه على وجوب الرجاء والخوف في غير أمر الآخرة لاحتمال أن يكون ذلك الكفر ليس من سبب الإياس من أمر غير الآخرة، بل إن من كفر بالله يدعوه طبعه إلى الإياس مطلقا لقلة ثقته بالله، ومثل هذه الآية قوله تعالى: {فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} وظاهر هذه الآيات أن الإياس من رحمة الله كبيرة أيضا إن أيس من الله، ولو قيل به لصح، ثم ظهر لي الجزم بأن الإياس من الله في أمر الدنيا كفر أيضا، وهو ظاهر الآيات، وأما الإياس في أمر الدنيا من جانب الخلق فلا يأس به، بل يتعين أن يعلم أنه لا يأتيه منهم شيء إلا بإذن الله، ويأتي ذلك إن شاء الله في الكتاب الأخير تبيين أفعال العباد،.
صفحة ٣٣