شرح نهج البلاغة
محقق
محمد عبد الكريم النمري
الناشر
دار الكتب العلمية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هجري
مكان النشر
بيروت
نوقره في فضله ونجله . . . وفي الله ما نرجو وما نتوقع
ونخصف أخفاف المطي على الوجا . . . وفي الله ما نزجي وفي الله نوضع
دلفنا بجمع آثروا الحق والهدى . . . إلى ذي تقى في نضره نتسرع
نكافح عنه والسيوف شهيرة . . . تصافح أعناق الرجال فتقطع
قال أبو مخنف : فلما قدم أهل الكوفة على علي عليه السلام ، سلموا عليه ، وقالوا : الحمد لله يا أمير المؤمنين اختصنا بموازرتك ، وأكرمنا بنصرتك ، قد أجبناك طائعين غير مكرهين ، فمرنا بأمرك .
قال : فقام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال : مرحبا بأهل الكوفة ، بيوتات العرب ووجوهها ، وأهل الفضل وفرسانها ، وأشد العرب مودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته ، ولذلك بعثت إليكم واستصرختكم عند نقض طلحة والزبير بيعتي ، عن غير جور مني ولا حدث ، ولعمري لو لم تنصروني يا أهل الكوفة ، لرجوت أن يكفيني الله غوغاء الناس ، وطغام أهل البصرة ، مع أن عامة من بها ووجوهها وأهل الفضل والدين قد اعتزلوها ، ورغبوا عنها .
فقام رؤوس القبائل فخطبوا وبذلوا له النصر ، فأمرهم بالرحيل إلى البصرة .
ومن خطبة له في استنفار إلى أهل الشام
الأصل : أف لكم ! لقد سئمت عتابكم . أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا ، وبالذل من العز خلفا ! إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم ؛ كأنكم من الموت في غمرة ، ومن الذهول في سكرة .
يرتج عليكم حواري فتعمهون ؛ فكأن قلوبكم مألوسة ، فأنتم لا تعقلون .
ما أنتم بثقة سجيس الليالي ، وما أنتم بركن يمال بكم ، ولا زوافر عز يفتقر إليكم . ما أنتم إلا كإبل ضل رعاتها ، فكلما جمعت من جانب انتشرت من آخر . لبئس لعمر الله سعر نار الحرب أنتم ! تكادون ولا تكيدون ، وتنتقص أطرافكم فلا تمتعضون ؛ لا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون . غلب والله المتخاذلون ! وايم الله ؛ إني لأظن بكم أن لو حمس الوغى ، واستحر الموت ؛ قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج الرأس .
والله إن امرأ يمكن عدوه من نفسه ، يعرق لحمه ، ويهشم عظمه ، ويفري جلده ، لعظيم عجزه ، ضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره .
صفحة ١١٢