271

شرح نهج البلاغة

محقق

محمد عبد الكريم النمري

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

بيروت

فخرج أهل الأمصار على الصعب والذلول ، فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري ، وبعث عبد الله بن سعد بن أبي سرح معاوية بن خديج ، وخرج من الكوفة القعقاع بن عمرو ، بعثه أبو موسى . وقام بالكوفة نفر يحرضون الناس على نصر عثمان وإعانة أهل المدينة ، منهم عقبة بن عمر ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وحنظلة الكاتب ، وكل هؤلاء من الصحابة ، ومن التابعين مسروق ، والأسود ، وشريح ، وغيرهم .

وقام بالبصرة عمران بن الحصين وأنس بن مالك ، وغيرهما من الصحابة . ومن التابعين كعب ابن سور ، وهرم بن حيان وغيرهما ، وقام بالشام ومصر جماعة من الصحابة والتابعين .

وخرج عثمان يوم الجمعة ، فصلى بالناس ، وقام على المنبر ، فقال : يا هؤلاء ، الله الله ؛ فوالله إن أهل المدينة يعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، فامحوا الخطأ بالصواب .

فقام محمد بن مسلمة الأنصاري ، فقال : نعم أنا أعلم ذلك ، فأقعده حكيم بن جبلة . وقام زيد بن ثابت فأقعده قتيرة بن وهب . وثار القوم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد ، وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشيا عليه ؛ فأدخل داره ؛ واستقتل نفر من أهل المدينة مع عثمان ؛ منهم سعد بن أبي وقاص ، والحسن بن علي عليه السلام ، وزيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، فأرسل إليهم عثمان : عزمت عليكم أن تنصرفوا ، فانصرفوا .

وأقبل علي وطلحة والزبير ، فدخلوا على عثمان يعودونه من صرعته ، ويشكون إليه ما يجدون لأجله ، وعند عثمان نفر من بني أمية ، منهم مروان بن الحكم ، فقالوا لعلي عليه السلام : أهلكتنا وصنعت هذا الذي صنعت ! والله إن بلغت هذا الأمر الذي تريده لنمرن عليك الدنيا ، فقام مغضبا ، وخرج الجماعة الذين حضروا معه إلى منازلهم .

وروى الواقدي قال : صلى عثمان بعد ما وثبوا به المسجد شهرا كاملا ، ثم منعوه الصلاة ، وصلى بالناس أميرهم الغافقي .

وروى المدائني ، قال : كان عثمان محصورا محاطا به ، وهو يصلي بالناس في المسجد ، وأهل مصر والكوفة والبصرة الحاضرون له يصلون خلفه ، وهم أدق في عينه من التراب .

قال أبو جعفر في التاريخ : ثم إن أهل المدينة تفرقوا عنه ، ولزموا بيوتهم ، لا يخرج أحد منهم إلا بسيفه يمتنع به ، فكان حصاره أربعين يوما .

صفحة ٨٥