189

شرح نهج البلاغة

محقق

محمد عبد الكريم النمري

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

بيروت

الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

باب المختار من الخطب والأوامر

بسربن أرطأة إلى الحجاز واليمن

فأما خبر بسر بن أرطأة العامري ؛ من بني عامر بن لؤي بن غالب ، وبعث معاوية له ليغير على أعمال أمير المؤمنين عليه السلام ، وما عمله من سفك الدماء وأخذ الأموال فقد ذكر أرباب أن الذي هاج معاوية على تسيير بسر بن أرطأة - ويقال ابن أبي أرطأة - إلى الحجاز واليمن ، أن قوما بصنعاء كانوا من شيعة عثمان ، يعظمون قتله ، لم يكن لهم نظام ولا رأس ، فبايعوا لعلي عليه السلام على ما في أنفسهم ؛ وعامل علي عليه السلام على صنعاء يومئذ عبيد الله بن عباس وعامله على الجند سعيد بن نمران .

فلما اختلف الناس على علي عليه السلام بالعراق ، وقتل محمد بن أبي بكر بمصر ، وكثرت غارات أهل الشام ، تكلموا ودعوا إلى الطلب بدم عثمان ، فبلغ ذلك عبيد الله بن عباس ، فأرسل إلى ناس من وجوههم ، فقال : ما هذا الذي بلغني عنكم ؟ قالوا : إنا لم نزل ننكر قتل عثمان ، ونرى مجاهدة من سعى إليه . فحبسهم . ، فكتبوا إلى من بالجند من أصحابهم ، فثاروا بسعيد بن نمران ، فأخرجوه من الجند ، وأظهروا أمرهم ، وخرج إليهم من كان بصنعاء ، وانضم إليهم كل من كان على رأيهم ، ولحق بهم قوم لم يكونوا على رأيهم ، إرادة أن يمنعوا الصدقة ، والتقى عبيد الله بن عباس وسعيد بن نمران ، ومعهما شيعة علي عليه السلام ، فقال ابن عباس لابن نمران : والله لقد اجتمع هؤلاء ، وإنهم لمقاربون ، وإن قاتلناهم لا نعلم على من تكون الدائرة فهلم لنكتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام بخبرهم وقدحهم ، وبمنزلهم الذي هم به ، فكتبا إلى أمير المؤمنين عليه السلام : أما بعد ، فإنا نخبر أمير المؤمنين ، أن شيعة عثمان وثبوا بنا ، وأظهروا أن معاوية قد شيد أمره ، واتسق له أكثر الناس ، وأنا سرنا إليهم بشيعة أمير المؤمنين ومن كان على طاعته ، وأن ذلك أحمشهم وألبهم ، فعبئوا لنا ، وتداعوا علينا من كل أوب ، ونصرهم علينا من لم يكن له رأي فيهم ، إرادة أن يمنع حق الله المفروض عليه ، وليس يمنعنا من مناجزتهم إلا انتظار أمر أمير المؤمنين ، أدام الله عزه وأيده ، وقضى له بالأقدار الصالحة في جميع أموره . والسلام .

صفحة ٣