شرح نهج البلاغة
محقق
محمد عبد الكريم النمري
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هجري
مكان النشر
بيروت
فبلغ ذلك عمرو بن العاص ، وكان بأيلة من أرض الشام ، أتاها حيث وثب الناس على عثمان ، فنزلها فكتب إلى معاوية : ما كنت صانعا فاصنع ، إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها .
وقال الوليد بن عقبة - وهو أخذ عثمان من أمه - يذكر قبض علي عليه السلام نجائب عثمان وسيف وسلاحه :
بني هاشم ردوا سلاح ابن أختكم . . . ولا تنهبوه لا تحل مناهبه
بني هاشم كيف الهوادة بيننا . . . وعند علي درعه ونجائبه !
بني هاشم كيف التودد منكم . . . وبز ابن أروى فيكم وحرائبه !
بني هاشم إلا تردوا فإننا . . . سواء علينا قاتلاه وسالبه
بني هاشم إنا وما كان منكم . . . كصدع الصفا لا يشعب الصدع شاعبه
قتلتم أخي كيما تكونوا مكانه . . . كما غدرت يوما بكسرى مرازبه
فأجابه عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بأبيات طويلة من جملتها :
فلا تسألونا سيفكم إن سيفكم . . . أضيع وألقاه لدى الروع صاحبه
وشبهته كسرى وقد كان مثله . . . شبيها بكسرى هديه وضرائبه
أي كان كافرا كما كان كسرى كافرا .
وكان المنصور رحمه الله تعالى إذا أنشد هذا الشعر يقول : لعن الله الوليد ! هو الذي فرق بين بني عبد مناف بهذا الشعر !
ومن خطبة له لما بويع بالمدينة الأصل ذمتي بما أقول رهينة ، وأنا به زعيم . إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات ، حجزته التقوى عن تقحم الشبهات . ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه . والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ، ولتغربلن غربلة ، ولتساطن سوط القدر ؛ حتى يعود أسفلكم أعلاكم ، وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سابقون كانوا قصروا ، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا .
والله ما كتمت وشمة ، ولا كذبت كذبة ، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم .
ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها ، وخلعت لجمها ، فتقحمت بهم في النار .
ألا وإن التقوى مطايا ذلل ، حمل عليها أهلها ، وأعطوا أزمتها ، فأوردتهم الجنة .
حق وباطل ، ولكل أهل ، فلئن أمر الباطل لقديما فعل ، ولئن قل الحق لربما ولعل ، ولقلما أدبر شيء فأقبل .
صفحة ١٦٥