142

شرح نهج البلاغة

محقق

محمد عبد الكريم النمري

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

بيروت

يا أمنا أعق أم نعلم قلت : نعم ، وأعرفه ، قالت : ومن هو ؟ قلت : ابن عم لي ، قالت : وما فعل ؟ قلت : قتل عند الجمل ، وقتل قاتله ، قال : فبكت حتى ظننت والله أنها لا تسكت ، ثم قالت : لوددت والله أنني كنت مت قبل ذلك اليوم بعشرين سنة .

قالوا : وخرج رجل من عسكر البصرة يعرف بخباب بن عمرو الراسبي ، فارتجز فقال :

أضربهم ولو أرى عليا . . . عممته أبيض مشرفيا

أريح منه معشرا غويا

فصمد عليه الأشتر فقتله .

ثم تقدم عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس وهو من أشراف قريش - وكان اسم سيفه ولول - فارتجزن فقال :

أنا ابن عتاب وسيفي ولول . . . والموت دون الجمل المجلل

فحمل عليه الأشتر فقتله . ثم خرج عبد الله بن حكيم بن حزام من بني أسد بن عبد العزى بن قصي ، من أشراف قريش أيضا ، فارتجز وطلب المبارزة ، فخرج إليه الأشتر فضربه على رأسه فصرعه ، ثم قام فنجا بنفسه .

قالوا : وأخذ خطام الجمل سبعون من قريش ، قتلوا كلهم ، ولم يكن يأخذ بخطام الجمل أحد إلا سالت نفسه ، أو قطعت يده . وجاءت بنو ناجية فأخذوا بخطام الجمل ، ولم يكن يأخذ الخطام أحد إلا سألت عائشة : من هذا ؟ فسألت عنهم ، فقيل : بنو ناجية ، فقالت عائشة : صبرا بني ناجية ، فإني أعرف فيكم شمائل قريش . قالوا : وبنو ناجية مطعون في نسبهم إلى قريش ، فقتلوا حولها جميعا .

قال أبو مخنف : وحدثنا إسحاق بن راشد عن عبد الله بن الزبير ، قال : أمسيت يوم الجمل وبي سبعة وثلاثون جرحا ، من ضربة وطعنة ورمية ، وما رأيت مثل يوم الجمل قط ، ما كان الفريقان إلا كالجبلين لا يزولان .

قال أبو مخنف : وقام رجل إلى علي عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، أي فتنة أعظم من هذه ؟ إن البدرية ليمشي بعضها إلى بعض بالسيف ، فقال علي عليه السلام : ويحك ! أتكون فتنة أنا أميرها وقائدها ! والذي بعث محمدا بالحق وكرم وجهه ، ما كذبت ولا كذبت ، ولا ضللت ولا ضل بي ، ولا زللت ولا زل بي ، وإني لعلى بينة من ربي ، بينها الله لرسوله ، وبينها رسوله لي ، وسأدعى يوم القيامة ولا ذنب لي ، ولو كان لي ذنب لكفر عني ذنوبي ما أنا فيه من قتالهم .

صفحة ١٦٢