138

شرح نهج البلاغة

محقق

محمد عبد الكريم النمري

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

بيروت

قال أبو مخنف : وبعث علي عليه السلام إلى الأشتر أن احمل على ميسرتهم ، فحمل عليها وفيها هلال بن وكيع ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وقتل هلال ؛ قتله الأشتر ؛ فمالت الميسرة إلى عائشة فلاذوا بها ، وعظمهم بنو ضبة وبنو عدي ، ثم عطفت الأزد وضبة وناجية وباهلة إلى الجمل ، فأحاطوا به ، واقتتل الناس حوله قتالا شديدا ، وقتل كعب بن سور قاضي البصرة ، جاءه سهم غرب فقتله وخطام الجمل في يده ، ثم قتل عمرو بن يثربي الضبي ، وكان فارس أصحاب الجمل وشجاعهم ، بعد أن قتل كثيرا من أصحاب علي عليه السلام .

قالوا : كان عمرو أخذ بخطام الجمل ، فدفعه إلى ابنه ، ثم دعا إلى البراز ، فخرج إليه علباء بن الهيثم السدوسي ، فقتله عمرو ، ثم دعا إلى البراز ، فخرج إليه هند بن عمرو الجملي فقتله عمرو ، ثم دعا إلى البراز ، فقال زيد بن صوحان العبدي لعلي عليه السلام : يا أمير المؤمنين ، إني رأيت يدا أشرفت علي من السماء وهي تقول : هلم إلينا ، وأنا خارج إلى ابن يثربي ، فإذا قتلني فادفني بدمي ولا تغسلني ، فإني مخاصم عند ربي . ثم خرج فقتله عمرو ، ثم رجع إلى خطام الجمل مرتجزا يقول :

أرديت علباء وهندا في طلق . . . ثم ابن ضوحان خضيبا في علق

قد سبق اليوم لنا ما قد سبق . . . والوتر منا في عدي ذي الفرق

والأشتر الغاوي وعمرو بن الحمق . . . والفارس المعلم في الحرب الحنق

ذاك الذي في الحادثات لم يطق . . . أعني عليا ليته فينا مزق قال : قوله : والوتر منا في عدي ، يعني عدي بن حاتم الطائي ، وكان من أشد الناس على عثمان ، ومن أشدهم جهادا مع علي عليه السلام . ثم ترك ابن يثربي الخطام ، وخرج يطلب المبارزة ، فاختلف في قاتله ، فقال قوم : إن عمار بن ياسر خرج إليه والناس يسترجعون له ، لأنه كان أضعف من برز إليه يومئذ . أقصرهم سيفا ، وأقصفهم رمحا ، وأحمشهم ساقا ، حمالة سيفه من نسعة الرحل ، وذباب سيفه قريب من إبطه . فاختلفا ضربتين ، فنشب سيف ابن يثربي في حجفة عمار ، فضربه عمار على رأسه فصرعه ، ثم أخذ برجله يسحبه حتى انتهى به إلى علي عليه السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، استبقني أجاهد بين يديك ، وأقتل منهم مثل ما قتلت منكم . فقال له علي عليه السلام : أبعد زيد وهند وعلابء أستبقيك ! لا ها الله إذا ! قال : فأدنني منك أسارك ، قال له : أنت متمرد ، وقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتمردين ، وذكرك فيهم . فقال : أما والله لو وصلت إليك لعضضت أنفك عضة ابنته منك ، فأمر به علي عليه السلام فضربت عنقه .

صفحة ١٥٨