شرح نهج البلاغة
محقق
محمد عبد الكريم النمري
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هجري
مكان النشر
بيروت
وقال شيخنا أبو عثمان الجاحظ : ومر عليه السلام بعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، فقال : أجلسوه ، فأجلس ، فقال : هذا يعسوب قريش ، هذا اللباب المحض من بني عبد مناف . ثم قال : شفيت نفسي ، وقتلت معشري ، وإلى الله أشكو عجري وبجري ! قتلت الصناديد من بني عبد مناف ، وأفلتني الأعيار من بني جمح ، فقال له القائل : لشد ما أطريت هذا الفتى منذ اليوم يا أمير المؤمنين ! قال : إنه قام عني وعنه نسوة لم يقمن عنك .
قال أبو الأسود الدؤلي : لما ظهر علي عليه السلام يوم الجمل ، دخل بيت المال بالبصرة في ناس من المهاجرين والأنصار وأنا معهم ، فلما رأى كثرة ما فيه ، قال : غري غيري . . . مرارا . ثم نظر إلى المال ، وصعد فيه بصره وصوب ، وقال : أقسموه بين أصحابي خمسمائة خمسمائة ، فقسم بينهم ، فلا والذي بعث محمدا بالحق ما نقص درهما ولا زاد درهما ، كأنه كان يعرف مبلغه ومقداره ، وكان ستة آلاف ألف درهم ، والناس اثنا عشر ألفا .
حبة العرني ، قسم علي عليه السلام بيت مال البصرة على أصحابه خمسمائة خمسمائة ، وأخذ خمسمائة درهم كواحد منهم ، فجاءه إنسان لم يحضر الوقعة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، كنت شاهدا معك بقلبي ، وإن غاب عنك جسمي فأعطني من الفيء شيئا . فدفع إليه الذي أخذه لنفسه وهو خمسمائة درهم ، ولم يصب من الفيء شيئا .
اتفقت الرواة كلها على أنه عليه السلام قبض ما وجد في عسكر الجمل من سلاح ودابة ومملوك ومتاع وعروض ، فقسمه بين أصحابه ، وأنهم قالوا له : اقسم بيننا أهل البصرة فاجعلهم رقيقا ، فقال : لا ، فقالوا : فكيف تحل لنا دماءهم وتحرم علينا سبيهم ! فقال : كيف يحل لكم ذرية ضعيفة في دار هجرة وإسلام ! أما ما أجلب به القوم في معسكرهم عليكم فهو لكم مغنم ، وأما ما وارت الدور وأغلقت عليه الأبواب فهو لأهله ، ولا نصيب لكم في شيء منه ، فلما أكثروا عليه قال : فأقرعوا على عائشة ، لأدفعها إلى من تصيبه القرعة ! فقالوا : نستغفر الله يا أمير المؤمنين ! ثم انصرفوا .
ومن كلام له في ذم أهل البصرة
الأصل : كنتم جند المرأة ، وأتباع البهيمة . رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم . أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق ، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ، كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة ، قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها ، وغرق من في ضمنها .
وفي رواية : وايم الله ، لتغرقن بلدتكم ، حتى كأني أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة ، أو نعامة جاثمة .
صفحة ١٥٣