[النص]
وأهبطه إلى دار البلية (1)، وتناسل الذرية (2). واصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم (3)، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لما بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم (4) فجهلوا حقه، واتخذوا الأنداد معه (5).
واجتالتهم الشياطين عن معرفته (6)، واقتطعتهم عن عبادته. فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه (7) ليستأدوهم ميثاق فطرته (8). ويذكروهم منسي نعمته. ويحتجوا عليهم بالتبليغ. ويثيروا لهم دفائن العقول (9)
[الشرح]
(1) أهبطه من مقام كان الإلهام الإلهي لانسياق قواه إلى مقتضى الفطرة السليمة الأولى إلى مقر قد خلط له وفيه الخير والشر واختط له فيه الطريقان ووكل إلى نظره العقلي وابتلي بالتمييز بين النجدين واختيار أي الطريقين، وهو العناد الذي تكدر به صفو هذه الحياة على الآدميين (2) تناسل الذرية من خصائص تلك المنزلة الثانية التي أنزل الله فيها آدم وهو مما ابتلي به الإنسان امتحانا لقوته على التربية واقتداره على سياسة من يعولهم والقيام بحقوقهم وإلزامهم بتأدية ما يحق عليهم (3) أخذ عليهم الميثاق أن يبلغوا ما أوحى إليهم ويكون ما بعده بمنزلة التأكيد له أو أخذ عليهم أن لا يشرعوا للناس إلا ما يوحى إليهم (4) عهد الله إلى الناس هو ما سيأتي يعبر عنه بميثاق الفطرة (5) الأنداد الأمثال وأراد المعبودين من دونه سبحانه وتعالى (6) اجتالتهم بالجيم صرفتهم عن قصدهم الذي وجهوا إليه بالهداية المغروزة في فطرهم. وأصله من الدوران كأن الذي يصرفك عن قصدك يصرفك تارة هكذا وأخرى هكذا (7) واتر إليهم أنبياءه أرسلهم وبين كل نبي ومن بعده فترة لا بمعنى أرسلهم تباعا بعضهم يعقب بعضا (8) كأن الله تعالى بما أودع في الإنسان من الغرائز والقوى وبما أقام له من الشواهد وأدلة الهدى قد أخذ عليه ميثاقا بأن يصرف ما أوتي من ذلك فيما خلق له وقد كان يعمل على ذلك الميثاق ولا ينقضه لولا ما اعترضه من وساوس الشهوات فبعث إليه النبيين ليطلبوا من الناس أداء ذلك الميثاق أي ليطالبوهم بما تقتضيه فطرتهم وما ينبغي أن تسوقهم إليه غرائزهم (9) دفائن العقول أنوار العرفان التي
صفحة ٢٣