[النص]
ما بين السماوات العلا. فملأهن أطوارا من ملائكته (1) منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون. لا يغشاهم نوم العين. ولا سهو العقول.
ولا فترة الأبدان. ولا غفلة النسيان. ومنهم أمناء على وحيه، وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره. ومنهم الحفظة لعباده والسدنة لأبواب جنانه. ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم. ناكسة دونه أبصارهم (2).
[الشرح]
الفلك، سمي به لأنه مرقوم بالكواكب. ومائر متحرك. ويفسر الرقيم باللوح. وشبه الفلك باللوح لأنه مسطح فيما يبدو للنظر (1) جعل الملائكة أربعة أقسام: الأول أرباب العبادة ومنهم الراكع والساجد والصاف والمسبح، وقوله صافون أي قائمون صفوفا لا يتزايلون أي لا يتفارقون. والقسم الثاني الأمناء على وحي الله لأنبيائه والألسنة الناطقة في أفواه رسله والمختلفون بالأقضية إلى العباد، بهم يقضي الله على من شاء بما شاء. والقسم الثالث حفظة العباد كأنهم قوى مودعة في أبدان البشر ونفوسهم يحفظ الله الموصولين بها من المهالك والمعاطب، ولولا ذلك لكان العطب ألصق بالانسان من السلامة. ومنهم سدنة الجنان جمع سادن وهو الخادم، والخادم يحفظ ما عهد إليه وأقيم على خدمته. والقسم الرابع حملة العرش كأنهم القوة العامة التي أفاضها الله في العالم الكلي فهي الماسكة له الحافظة لكل جزء منه مركزه وحدود مسيره في مداره فهي المخترقة له النافذة فيه الآخذة من أعلاه إلى أسفله ومن أسفله إلى أعلاه. وقوله المارقة من السماء: المروق الخروج. وقوله الخارجة من الأقطار أركانهم: الأركان الأعضاء والجوارح. والتمثيل في الكلام لا يخفى على أهل البصائر (2) الضمير في دونه للعرش
صفحة ١٩