[النص]
وأحنائها (1). ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء (2) وشق الارجاء وسكائك الهواء (3). فأجرى فيها ماء متلاطما تياره (4)، متراكما زخاره. حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة. فأمرها برده (5)، وسلطها على شده، وقرنها إلى حده. الهواء من تحتها فتيق (6)، والماء من فوقها
[الشرح]
مطبوع على غريزة لازمته، فالشجاع لا يكون خوارا مثلا (1) جمع حنو بالكسر أي الجانب، أو ما أعوج من الشئ بدنا كان أو غيره، كناية عما خفي. أو من قولهم أحناء الأمور أي مشتبهاتها وقرائنها ما يقترن بها من الأحوال المتعلقة بها والصادرة عنها (2) ثم أنشأ الخ الترتيب والتراخي في قول الإمام لا في الصنع الإلهي كما لا يخفى.
والأجواء جمع جو وهو هذا الفضاء العالي بين السماء والأرض. واستفيد من كلامه أن الفضاء مخلوق وهو مذهب قوم كما استفيد منه أن الله خلق في الفضاء ماء حمله على متن ريح فاستقل عليها حتى صارت مكانا له ثم خلق فوق ذلك الماء ريحا أخرى سلطها عليه فموجته تمويجا شديدا حتى ارتفع فخلق منه الأجرام العليا. وإلى هذا يذهب قوم من الفلاسفة منهم تالسين الإسكندري يقولون إن الماء أي الجوهر السائل أصل كل الأجسام كثيفها من متكاثفه ولطيفها من شفائفه، والأرجاء الجوانب واحدها رجا كعصا (3) السكائك جمع سكاكة بالضم وهي الهواء الملاقي عنان السماء وبابها نحو ذؤابة وذوائب (4) التيار الموج. والمتراكم ما يكون بعضه فوق بعض. والزخار الشديد الزخر أي الامتداد والارتفاع. والريح العاصفة الشديدة الهبوب كأنها تهلك الناس بشدة هبوبها وكذلك الزعزع كأنها تزعزع كل ثابت. وتقصف أي تحطم كل قائم (5) أمرها برده أي منعه من الهبوط لأن الماء ثقيل وشأن الثقيل الهوى والسقوط وسلطها على شده أي وثاقه كأنه سبحانه أوثقه بها أو منعه من الحركة إلى السفل التي هي من لوازم طبعه.
وقرنها إلى حده أي جعلها مكانا له أي جعل حد الماء المذكور وهو سطحه الأسفل مماسا لسطح الريح التي تحمله أو أراد من الحد المنع أي جعل من لوازمها ذلك (6) الفتيق
صفحة ١٧