[النص]
1 - ومن خطبة له عليه السلام
" يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم "
الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون. ولا يحصي نعماءه العادون. ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم (1) ولا يناله غوص الفطن (2). الذي ليس لصفته حد محدود (3) ولا نعت موجود. ولا وقت معدود ولا أجل ممدود. فطر الخلائق بقدرته.
ونشر الرياح برحمته. ووتد بالصخور ميدان أرضه (4). أول الدين معرفته (5) وكمال معرفته التصديق به. وكمال التصديق به توحيده.
[الشرح]
(1) أي ان همم النظار وأصحاب الفكر وان علت وبعدت فانها لا تدركه تعالى ولا تحيط به علما (2) والفطن جمع فطنة. وغوصها استغراقها في بحر المعقولات لتلتقط در الحقيقة، وهي وان أبعدت في الغوص لا تنال حقيقة الذات الأقدس. (3) فرغ من الكلام في الذات وامتناعها على العقول ادراكا، ثم هو الآن في تقديس صفاته عن مشابهة الصفات الحادثة، فكل صفات الممكن لها في أثرها حد تنقطع اليه كما نجده في قدرتنا وعلمنا مثلا فان لكل طورا لا يتعداه. أما قدرة الله وعلمه فلا حد لشمولهما. وكذا يقال في باقي الصفات الكمالية، والنعت يقال لما يتغير، وصفاتنا لها نعوت. فحياتنا مثلا لها أطوار من طفولية وصبا وما بعدهما وقوة وضعف وتوسط. وقدرتنا كذلك وعلمنا له أدوار نقص وكمال وغموض ووضوح. أما صفاته تعالى فهي منزهة عن هذه النعوت وأشباهها. ثم هي أزلية أبدية لا تعد الاوقات لوجودها واتصاف ذاته بها ولا تضرب لها الآجال. (4) الميدان الحركة، ووتد بالتخفيف والتشديد أي ثبت أي سكن الارض بعد اضطرابها بما رسخ من الصخور الجامدة في أديمها، وهو يشير الى أن الارض كانت مائرة مضطربة قبل جمودها. (5) اساس الدين معرفة الله وهو قد يعرف بأنه صانع
صفحة ١٤