143

شرح مشكل الآثار

محقق

شعيب الأرنؤوط

الناشر

مؤسسة الرسالة

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﵇ فِي الْمُؤَذِّنِينَ أَنَّهُمْ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
٢٠٨ - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: " الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي ذَلِكَ مَا مَعْنَاهُ فَوَجَدْنَا الْمُؤَذِّنِينَ أَحَدَ الْعَامِلِينَ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى مِمَّا يُعَانُونَهُ مِنَ الْأَذَانِ وَوَجَدْنَا اللهَ قَدْ ذَكَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ بِأَحْسَنِ مَا ذَكَرَ بِهِ أَحَدًا مِمَّنْ يَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إلَى اللهِ﴾ [فصلت: ٣٣] الْآيَةَ وَكَانَ الْعَامِلُونَ بِأَصْنَافِ طَاعَاتِ اللهِ فِي الدُّنْيَا يَنْتَظِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا فَتَطَاوَلَ إلَى ذَلِكَ أَعْنَاقُهُمْ وَيَكُونُونَ فِي الْعُلُوِّ بِذَلِكَ أَضْدَادًا لِمَا وَصَفَهُمُ اللهُ مِنْ أَهْلِ مَعَاصِيهِ ⦗٢٠٠⦘ وَالْخُرُوجِ عَنْ أَمْرِهِ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤] وَكَانَ الْمُؤَذِّنُونَ فِيمَا كَانُوا يُعَانُونَهُ مِنْ أَذَانِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ بِهِ فَوْقَ مَا غَيْرُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَاتِ سِوَاهُ فِي مُعَانَاتِهِمْ إيَّاهُمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونُوا بِعُلُوِّ أَصْوَاتِهِمْ فِي أَذَانِهِمُ الَّذِي كَانُوا يُعَانُونَهُ فِي الدُّنْيَا وَمُدَاوَمَتِهِمْ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَإِتْبَاعِهِمْ ذَلِكَ إقَامَاتِ الصَّلَوَاتِ وَاجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ بِأَصْوَاتِهِمْ وَاسْتِعْلَائِهِمْ عَلَى الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يَأْتُونَ بِالْأَذَانِ فِيهَا مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا خَفَاءَ بِهَا جُعِلُوا فِي ذَلِكَ فِي طُولِ أَعْنَاقِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى ثَوَابِهِمْ عَلَيْهِ فَوْقَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَعْمَالِ بِطَاعَاتِ اللهِ سِوَاهُ فِي انْتِظَارِ الثَّوَابِ لَهُ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهِ وَلَمْ نَجِدْ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا قَالَ النَّاسُ فِيهِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَهُ رَسُولُهُ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

1 / 199