شرح مشكل الآثار
محقق
شعيب الأرنؤوط
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الأولى - ١٤١٥ هـ
سنة النشر
١٤٩٤ م
١٩٣ - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵇: " مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكًا، وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ كَانَ الْعَبْدُ فِي الدُّنْيَا عَاجِزًا أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ مِنْ مَوْلَاهُ وَمِمَّنْ سِوَاهُ بِالرِّقِّ الَّذِي فِيهِ وَلَمَّا أَزَالَهُ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْآخِرَةِ وَرَدَّهُ إلَى أَحْكَامِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ بَنِي آدَمَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْحُدُودِ عَلَى قَاذِفِيهِمْ ذَهَبَ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا فَأَخَذَهُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا كَانَ يَأْخُذُهُ فِي الدُّنْيَا لَوِ انْطَلَقَ لَهُ الْأَخْذُ بِهِ فِيهَا ⦗١٨١⦘ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ جَاءَ الْخِطَابُ فِي حَدِيثِ التَّحْلِيلِ مِنَ الْغِيبَةِ الَّذِي رَوَيْتُهُ بِالْمَظْلِمَةِ فِي الْعِرْضِ وَالْمَالِ جَمِيعًا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَلَى بَعْضِ مَا ابْتُدِئَ بِهِ دُونَ بَقِيَّتِهِ؟ قِيلَ لَهُ: الْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا كَثِيرًا تُخَاطِبُ بِالشَّيْءِ بِعَقِبِ ذِكْرِ شَيْئَيْنِ تُرِيدُ بِخِطَابِهَا أَحَدَ ذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ جَمِيعًا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ﴾ [الرحمن: ٢٠] . ثُمَّ قَالَ: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢] . وَإِنَّمَا يَخْرُجَانِ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٠] . وَالرُّسُلُ فَإنَّمَا كَانُوا مِنَ الْإِنْسِ لَا مِنَ الْجِنِّ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ ﵇
1 / 180