============================================================
الأمير ما خاطبه به الولي، فوجد كلامه كأنه قال: أنت أحمق ونحن عقلاء؛ لأنك زهدت في شيء نفيس لا قيمة له؛ لشرفه، ونحن زهدنا في شيء قليل جدا لا قيمة له؛ ليسارته وخسته، ولا شك أن من بذل شيئا خسيسا ليأخذ عنه عوضا لا قيمة له؛ لشرفه، هو الذي يقال له: إنه عاقل حقيقة، كما هو شأن هذا الولي وغيره من الأولياء، ومن بذل شيئا نفسيا لا قيمة له؛ لشرفه، في شيء خسيس هو الأحمق حقيقة، كما هو شأن هذا الأمير وغيره. ثم قال الشيخ السنوسي: فانظر ما أبلغ وعظ هذا الولي وما أحسنه وما انطوى عليه كلامه الموجز من نسبة الحمق والسفه للأمير على وجه لا عتاب فيه ولا غلظ عبارة".
الفصل الثالث عشر: في ولايته لله تعالى عرف أئمة أهل السنة الولي بقولهم: "هو العارف بالله تعالى وصفاته، المواظب على الطاعات، المتجنب عن المعاصي، المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات"(1) وهذا التعريف قد ارتضاه الإمام السنوسي وأقره في شرحه على: "كفاية المريد"، وزاد في شرحه على: "العقيدة الوسطى" ذكر شروط الولاية بذلك المفهوم عند أهل السنة استنادا إلى قول الشيخ ابن دهاق في: "شرح الإرشاد": للولي أربعة شروط : أحدها: أن يكون عارفا بأصول الدين حتى يفرق بين الخلق والخالق، وبين النبي والمدعي.
الثاني: أن يكون عالما بأحكام الشريعة نقلا وفهما ليكتفي بنظره عن التقليد في الأحكام الشرعية كما اكتفى عن ذلك في أصول التوحيد، فلو أذهب الله تعالى علماء أهل الأرض لؤجد عنده ما كان عندهم، ولأقام قواعد الإسلام من أولها إلى آخرها؛ فإنه لا يفهم من قولنا: ولي الله إلا الناصر لدين الله تعالى، وذلك ممتنع في حق من لا يحيط علما بدين الله وقواعده وأصوله وفروعه.
(1) شرح المقاصد، للتفتازاني
صفحة ٣٦