شريك مخرج له في الصحيح، ومع ذلك يقولون: حديثه حسن، ما خرج له في الصحيح لم يستقل به وإنما توبع عليه، والشيخان ينتقيان من أحاديث المتكلم فيهم ما ووفقوا عليه، وإلا فحديث شريك في الإسراء معروف في الصحيحين، ونص مسلم في صحيحه أنه زاد ونقص، وقدم وأخر، وأوهامه مبينة في زاد المعاد في فتح الباري، لا سيما في حديث الإسراء.
"حدثنا شريك عن الأعمش سليمان بن مهران الأعمش" إمام من أئمة المسلمين موصوف بالتدليس "عن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أمرتكم به فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا)) ".
وفي الحديث الذي يليه يقول: "حدثنا محمد بن الصباح قال: أنبأنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا)) ".
الحديث الأول عن أبي هريرة وعنه أبو صالح، وعنه الأعمش، والذي يليه كذلك الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، والراوي عن الأعمش في الطريق الأول شريك، وفي الطريق الثاني جرير، وهذه متابعة من جرير لشريك، وهو بهذه المتابعة يرتقي إلى درجة الصحيح، وعرفنا أنه مخرج في مسلم، فلا نحتاج إلى مثل هذا، لكن من باب بيان مثل هذه الأمور يستفاد منها في غير الصحيحين.
الحديث الأول مختصر: ((ما أمرتكم به فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا عنه)) في الثاني يقول: ((ذروني ما تركتكم)) أتركوني ما تركتكم، فلا تسألوا عن أشياء يعني ما تركها الله -جل وعلا- نسيانا، وإنما تركها وسكت عنها رحمة بهم، ثم بعد ذلك بعض الناس ينبش ويسأل حتى يحرم المباح من أجله، ويكون حينئذ من شر الناس.
صفحة ١٧