ولما كان الكتاب كله معقودا لبيان سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- ابتدأ باتباعه، بإتباع سنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأنها حجة، فلا بد من إتباعه والاقتداء به {لقد كان لكم في رسول الله أسوة} [(21) سورة الأحزاب] وفي الأحاديث اللاحقة ما يدل على أن السنة أصل من أصول التشريع قائم بذاته، وأن السنة لا تحتاج إلى عرض على كتاب الله كما يقول بعضهم، وإنما هي أصل برأسه، وإن كانت في الأصل إنما جاءت لبيان ما في القرآن، وفيها من الأحكام الزائدة على ما في القرآن ما هو معروف في مضانه في أحكام كثيرة جدا، فلو نظرنا إلى أعظم أركان الإسلام بعد الدخول فيه بالشهادتين الصلاة، فما الذي في القرآن من أحكام الصلاة؟ الذي في القرآن عن الصلاة أمور مجملة، فيه الأمر بالصلاة والمحافظة عليها، وبيان بعض الأوقات على سبيل الإجمال لا على سبيل التفصيل، وكل هذا لا يمكن أن يستقل طالب العلم في التفقه منه، وإن كان هو الأصل الأصيل، وما عداه يدور في فلكه، لكن السنة لا يمكن أن يستغنى عنها.
قال:
باب: إتباع سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
السنة في الأصل: الطريقة، والمراد بها ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
قال -رحمه الله-: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شريك" شريك بن عبد الله النخعي القاضي، فيه كلام لأهل العلم، والتوسط فيه أنه صدوق ، ومع ذلك توبع عليه، فالحديث صحيح.
"حدثنا شريك عن الأعمش" والحديث مخرج في مسلم، يعني إذا كان الحديث في أحد الصحيحين هل نحتاج إلى أن نقول: صحيح؟ لا نحتاج إلى أن نقول: صحيح، فإذا كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما لا يحتاج لبيان درجته، هذا إن لم يكن من المعلقات في البخاري فنحتاج إلى أن نبين درجته.
قال: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أمرتكم به فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا)) ".
صفحة ١٦