شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٨ هـ
تصانيف
فصل
(٦) يجب أن يعلم أن النبي ﷺ بيَّن لأصحابه معاني القرآن كما بيّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] يتناول هذا وهذا.
(٧) وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن - كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا.
(٨) ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة، وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلَّ في أعيننا. وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين، قيل: ثمان سنين. ذكره مالك (١).
وذلك أن الله تعالى قال: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: ٢٩]، وقال: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ [النساء: ٨٢، محمد: ٢٤]، وقال: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ﴾ [المؤمنون: ٦٨]، وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن.
وكذلك قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف: ٢] وعقل الكلام متضمن لفهمه.
(٩) ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك.
(١) الموطأ (١:٢٠٥) كتاب القرآن، باب ما جاء في القرآن.
1 / 31