297

شرح مختصر الروضة

محقق

عبد الله بن عبد المحسن التركي

الناشر

مؤسسة الرسالة

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

الثَّانِي: الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاجِبِ، إِنْ تَمَيَّزَتْ، كَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَكْتُوبَاتِ، فَنَدْبٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ، كَالزِّيَادَةِ فِي الطُّمَأْنِينَةِ، وَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَمُدَّةِ الْقِيَامِ، وَالْقُعُودِ عَلَى أَقَلِّ الْوَاجِبِ، فَهُوَ وَاجِبٌ عِنْدَ الْقَاضِي، نَدْبٌ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ تَرْكُهُ. وَالنَّدْبُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ.
ــ
قَوْلُهُ: «الثَّانِي» يَعْنِي: الْفَرْعَ الثَّانِيَ مِنَ الْفَرْعَيْنِ عَلَى مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ، فَهُوَ وَاجِبٌ. وَوَجْهُ فَرْعِيَّتِهِ: أَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ فِيهِ لَاحِقٌ لَهُ مِنْ آخِرِهِ، وَفِيمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ هُوَ لَاحِقٌ لَهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَكِلَاهُمَا فِيهِ اخْتِلَافٌ كَمَا رَأَيْتَ، وَسَتَرَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
«الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاجِبِ»، إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَمَيِّزَةً عَنْهُ أَوْ لَا. «فَإِنْ تَمَيَّزَتْ» عَنْهُ «كَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَكْتُوبَاتِ» فَهِيَ - يَعْنِي الزِّيَادَةَ الْمُتَمَيِّزَةَ - «نَدْبٌ اتِّفَاقًا»، إِذْ لَا نَصَّ فِي وُجُوبِهَا وَلَا إِجْمَاعَ، وَلَا جَامِعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَاجِبِ حَتَّى تُقَاسَ عَلَيْهِ، وَلَا اشْتَدَّتْ مُلَابَسَتُهَا لِلْوَاجِبِ حَتَّى تَلْحَقَ بِهِ، وَلَا مَدْرَكَ لِثُبُوتِ الْأَحْكَامِ شَرْعًا إِلَّا هَذِهِ الْأَدِلَّةُ: النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، وَالِاسْتِدْلَالُ.
«وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ» الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاجِبِ، أَيْ: لَا تَنْفَصِلُ حَقِيقَتُهَا مِنْ حَقِيقَتِهِ حِسًّا، «كَالزِّيَادَةِ فِي الطُّمَأْنِينَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمُدَّةِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ عَلَى أَقَلِّ الْوَاجِبِ»، وَهُوَ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ، فَهِيَ - يَعْنِي الزِّيَادَةَ الَّتِي هَذَا شَأْنُهَا -

1 / 348