شرح مختصر الصارم المسلول - محمد حسن عبد الغفار

محمد حسن عبد الغفار ت. غير معلوم
89

شرح مختصر الصارم المسلول - محمد حسن عبد الغفار

تصانيف

حكم من سب الصحابة برميهم بالكفر القسم الأول: السب في الدين كمن كفر الصحابة جميعًا إلا بضعة عشر، أي: ثلاثة عشر أو أربعة عشر نفرًا هم الذين بقوا على الإسلام، وارتد الباقي، فمن قال بذلك أو لعنهم أو كفّر أبا بكر أو عمر أو لعنهما، فهذا كافر كفرًا أكبر يخرج من الملة، ومن لم يكفره فهو كافر؛ لأنه رضي بالكفر ومن رضي بالكفر كمرتكبه ومن شك في كفره فهو كافر، وهذه هي المراحل الثلاث، والدلالة على ذلك من الكتاب والسنة فيما يلي: أولًا: من سب صحابة رسول الله ﷺ في دينهم ولعنهم، أو كفرهم عن بكرة أبيهم آحادًا وأفرادًا فهذا كفره من وجهين: الوجه الأول: تكذيب لله ورسوله، ومن كذب الله ورسوله فقد كفر، فقد عدَّل الله الصحابة من فوق سبع سموات، قال تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح:١٨]. وقال أيضًا: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة:١٠٠]. وقال النبي ﷺ: (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة) وقال أيضًا: (لا يا عمر! لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم). فهذه كلها أدلة على عدالة صحابة رسول الله من كلام الله وكلام النبي ﷺ. أما الوجه الثاني: أنه يدخل تحت عموم قول النبي ﷺ: (من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما) وهذا له تأويل عند الجماهير أي: فقد باء بوزره، أو باء بهذه الكبيرة، لكن في سب الصحابة ينطبق هذا الحديث على ظاهره، فمن قال لـ أبي بكر: يا كافر، فقد كفر، ومن قال لـ عمر: يا كافر، فقد كفر، ومن قال لـ عائشة: يا كافرة، فقد كفر، ومن قال لـ عثمان أو لـ علي: يا كافر، فقد كفر (ومن قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما)، وفي الرواية الأخرى قال: (إن كان كذلك وإلا حارت) أي: رجعت عليه. أما الأقوى من ذلك: فمن لم يكفر من كفر الصحابة فهو كافر؛ لأن الراضي بالمنكر كمرتكبه، وهذا الرضا الذي يظهر لنا عنده؛ لأن النبي ﷺ ذكر أنه لا بد من الإنكار بالقلب، والإنكار بالقلب: ألا تبقى بالمكان الذي يسب فيه صحابة رسول الله، أما أن تضحك، وتقر بذلك، ولا ترد عليهم، وتجالسهم فأنت ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ [النساء:١٤٠]، والمثلية هنا على حالاتها التي فندها العلماء. وأيضًا: من شك في كفره فقد كفر؛ لأنه يشك في كفر من كذب الله، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، فمن شك في كفر من يكذب الله جل في علاه فقد كفر؛ لأن هذا من باب المعلوم من الدين بالضرورة.

8 / 5