شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
محقق
د. عبد الحميد هنداوي
الناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
٣٩_ وعن أبي هريرة [﵁]، قال: كنا قُعودا حول رسول الله ﷺ
ومعنا أبو بكر وعمر ﵄ في نفر، فقام رسول الله ﷺ من بين أظهرنا،
فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا، وفزعنا فقُمنا، فكنت أول من فزع، فخرجتُ
أبتغى رسول الله ﷺ، حتى أتيتُ حائطا للأنصار لبنى النجار، فساورت به، هل أجد
له بابا؟ فلم أجد، فإذا ربيع يدخلُ في جوف حائط من بئر خارجة - والربيع الجدول _
ــ
الحديث الرابع عن أبي هريرة ﵁: قوله: (دوننا) حال من الضمير المستتر في
(يقطع) أي خشينا أن يصاب بمكروه من عدو أو غيره متجاوزا عنا، كقوله تعالى: (وادعوا
شهداءكم من دون الله). (الكشاف): ومعنى (دون) أدنى مكان من الشيء، ومنه الشيء
الأدون، واستعير للتفاوت في الأحوال والرتب، فقيل: زيد دون عمرو في الشرف والعلم،
ثم اتسع فيه واستعمل في كل تجاوز حد إلى حد.
قوله: (من بئر خارجة) (مح): هكذا ضبطناه بالتنوين في (بئر). وفي (خارجة) على أن
(خارجة) صفة ل (بئر)، وكذا نقله الشيخ أبو عمرو بن الصلاح عن الأصل، وذكر الحافظ أبو
موسى الأصفهاني وغيره أنه روى ثلاثة أوجه: أحدهما هذا، وفي الثاني من بئر خارجه _
بتنوين بئر وبهاء في آخر خارجه مضمومة، وهي هاء ضمير للحائط - أي البئر في موضع خارج
عن الحائط. والثالث من بئر خارجة، بإضافة بئر إلى خارجه آخره تاء التأنيث، وهو اسم
رجل، والوجه الأول هو المشهور الظاهر. وقيل: البئر ههنا البستان من النخيل إذا كان
عليه جدار. والجدول النهر الصغير.
قوله: (فاحتفزت) (مح): هذا قد روى على وجهين: بالزاي، والراء، والصواب بالزاي
المعجمة، ومعناه تضاممت ليسعني المدخل. قوله: (كنت بين أظهرنا) يقال: نحن بين أظهركم،
وظهركم، وظهرانيكم - بفتح النون - أي بينكم، والظهر مقحم تأكيدا.
قوله: (فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا) عطف أحد المترادفين على الآخر إرادة الاستمرار،
مثل ما في قوله تعالى: (كذبت قوم نوح فكذبوا عبدنا) أي كذبوه تكذيبا غب تكذيب.
قوله: (فقال: أبو هريرة؟) أي فقال النبي ﷺ أنت أبو هريرة؟ فعلى هذا أبو هريرة خبر
مبتدأ محذوف، والهمزة في المبتدأ يحتمل أن يحتمل أن تكون على حقيقتها، أو التقرير، أو التعجب، أما
على التقرير الأول فلعله ﷺ كان غائبا عن من بشريته بسبب إيحاء هذه البشارة إليه فلم يشعر بأنه
ــ
2 / 494