شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
محقق
د. عبد الحميد هنداوي
الناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
٢٤_ وعن معاذ، قال: كنت ردف رسول الله ﷺ على حمار، ليس بيني وبينه
إلا مؤخرة الرحل، فقال: (معاذ! هل تدري ما حقُّ الله على عباده؟ وما حقُّ العباد
على الله؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم. قال: (فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا
يشركوا به شيئًا، وحقُّ العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا) فقلت: يا
رسول الله! أفلا أُبشر به الناس؟ قال: (لا تُبشرهم فيتكلوا). متفق علي.
ــ
أي لا ضب هناك فيكون الانحجار، إذا لو وجد لوجد. هذا معنى ما ذكره صاحب الكشاف
في قوله: تعالى: (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع). وقوله: (يسمعه) تتميم للمبالغة،
كما في قول امرئ القيس:
حملت ردينيا كأنه سنانه ... سنا لهب لم يتصل بدخان
فإن قوله: (لم يتصل بدخان) تتميم لمعنى (سنا)، فإن النار الشاعلة إذا لم تتصل بالدخان
يكون أضوء وأثقب، فكذا (الموذِى) إذا كان بمسمع من الموذىَ ومحضر منه كان تأثير الأذى
أشد وأبلغ منه إذا سمعه من بعد وأخبر به.
الحديث الحادي والعشرون عن معاذ: قوله: (كنت ردف النبي ﷺ الردف والرديف التابع،
من الردف، وهو العجز، والرديف وهو الذي يركب خلف الراكب، و(مؤخرة الرحل) العود
الذي خلف الراكب، أراد المبالغة في شدة قربه؛ ليكون أوقع في نفس السامع فيضبط،
يروى (مؤخرة) (بضم الميم وبعدها همزة ساكنة ثم خاء مكسورة) هذا هو الصحيح، وفيه لغة
أخرى بفتح الهمزة والخاء المشددة. و(الدراية): المعرفة (الزمخشرى): هي معرفة تحصيل
يضرب من الخداع، ولذلك لا يوصف بها الباري تعالى، والحق نقيضه الباطل؛ لأنه ثابت،
والباطل زائل، ويستعمل بمعنى الواجب، واللازم والجدير والنصيب والملك والاتكال والاعتماد
على الشيء من الوكل والكلة ومنه الوكالة. والبشارة إيصال خير إلى أحد يظهر أثر السرور منه
على بشرته. وأما قوله: (فبشرهم بعذاب أليم) فمن الاستعارة التهكمية، وحق الله تعالى
بمعنى الواجب واللازم، و(حق العباد) بمعنى الجدير؛ لأن الإحسان إلى من لم يتخذ ربا سواه
جدير في الحكمة أن يفعله. وقيل: حق العباد على الله تعالى ما وعدهم به، ومن صفة وعده
أن يكون واجب الإنجاز، فهو حق بوعده الحق.
ــ
2 / 473