شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
محقق
د. عبد الحميد هنداوي
الناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
١٦ - وعن طلحة بن عُبيد الله، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله ﷺ من أهل
نجد، ثأئر الرأس، نسمع دويَّ صوته ولا نفقهُ ما يقول، حتى دنا من رسول الله ﷺ،
فإذا هو يسألُ عن الإسلام. فقال رسول الله ﷺ: (خمسُ صلوات في اليوم
والليلة). فقال: هل عليَّ غيرُهنَّ؟ فقال: (لا) إِلا أن تطوع). قال: وذكر له
صيام شهر رمضان. قال: هل علىّ غيرها؟ فقال: (لا) إلا أن تطوع) قال:
فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيدُ على هذا ولا أنقصُ منه. فقال رسولُ الله ﷺ:
(أفلح الرجلُ إن صدق). متفقٌ عليه.
ــ
ثم إني_ بعد لطف الله وتوفيقه_ عثرت على نقل من جانب الشيخ محيي الدين عن القاضي
عياض المغربي أنه قال: هذا من جوامع كلمه ﷺ وهو مطابق لقوله (تعالى): (إن الذين قالوا
ربنا الله ثم استقاموا) أي وحدوا الله تعالى وآمنوا به، ثم استقاموا فلم يحيدوا عن توحيدهم،
والتزموا طاعته ﷾ إلى أن يتوفوا على ذلك. وعلى ما ذكرناه أكثر المفسرين من
الصحابة فمن بعدهم، وهو معنى الحديث، هذا كلام القاضي عياض. وقال ابن عباس في قوله
(تعالى): (واستقم كما أمرت): ما نزل على رسول الله ﷺ في جميع القرآن آية كانت
أشد ولا أشق عليه من هذه الآية، ولذلك قال رسول الله ﷺ لأصحابه حين قالوا: قد أسرع
إليك الشيبة، قال (شيبتني هود وأخواتها) تم كلام الشيخ محيي الدين، والحمد لله على توارد
الخواطر.
قال الإمام فخر الدين الرازي في قوله (تعالى): (فاستقم كما أمرت): استقامة المأمور
صعب شديد؛ فإنها تشتمل العقائد، والأعمال، والأخلاق، والاستقامة في العقائد أن يجتنب
التشبيه والتعطيل، وفي الأعمال أن يحترز عن التغيير والتبديل، وفي الأخلاق أن يبعد عن
طرفي الإفراط والتفريط.
الحديث الرابع عشر عن طلحة ﵁: (جاء رجل من أهل نجد) النجد في
الأصل ما ارتفع من الأرض، وبه سميت الأراضي الواقعة بين تهامة والعراق. و(ثائر الرأس)
ــ
2 / 458