شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
محقق
د. عبد الحميد هنداوي
الناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
ــ
ــ
سمعتك، وسمعت فلانًا، ويتحمل أن يكون بمعنى (من) يقال: سمعت من فلان، فيكون
الباء كما في قوله (تعالى): (عينا يشرب بها). قال المظهر: وفيه نظر؛ لأن المعنى لا
يساعد عليه، فإن سمعني وسمع مني يقتضيان كلامًا وقولا من جانب الرسول ﷺ وليس
المعنى عليه.
(الكشاف): في قوله (تعالى): (سمعنا مناديًا ينادي) (تقول: سمعت رجلا يقول كذا،
وسمعت زيدًا يتكلم، فتوقع الفعل على الرجل، وتحذف المسموع؛ لأنك وصفته بما يسمع، أو
جعلته حالا عنه، فأغناك عن ذكره، فلولا الوصف أو الحال لم يكن منه بد)، والأظهر أن
يضمن (يسمع) معنى أخبرنا فتعدى بالباء، كقوله (تعالى): (ما سمعنا بهذا في آبائنا
الأولين) أي ما أخبرنا سماعًا، وهو آكد؛ لأن الإخبار أعم من أن يكون سماعًا أو غير
سماع، فالمعني ما أخبر برسالتي أو يبعثني أحد ولم يؤمن إلا كان من أصحاب النار. وأحد
إذا استعمل في النفي يكون لاستغراق جنس العقلاء، ويتناول القليل والكثير، والذكر والأنثي،
كقوله (تعالى): (فما منكم من أحد عنه حاجزين) و(لستن كأحد من النساء) وتقول:
مافي الدار أحد، أي لا واحد، ولا اثنان فصاعدًا لا مجتمعين ولا متفرقين.
قوله: (من هذه الأمة) صفة (أحد) و(يهودي) إما بيان، أو بدل من (أحد) و(من) في
(هذه الأمة) إما للبيان، أو للتبعيض، وعلى التقديرين هو مرفوع المحل، فعلى أن يكون
للتبعيض معناه: لا يسمع بي أحد وهو بعض الأمةيهودي، والإشارة بهذه إلى ما في
الذهن، والأمة بيان له، والأمة حينئذ أمة الدعوة، وعلى أن يكون للبيان ولفظة (هذه) يكون
إشارة إلى أمة اليهود والنصارى خاصة، جرد من الأمة اليهود والنصارى وهو كقوله (تعالى):
(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) فسره صاحب
الكشاف بالوجهين.
فإن قلت: كيف يجعل من التبعيضية اسماّ؟ قلت: هو مجاز عن متعلق معناه.
(الكشاف) في قوله تعالى: (فلن حاش لله):حرف من حروف الجر، وضعت موضع
ــ
2 / 448