190

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

محقق

د. عبد الحميد هنداوي

الناشر

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

له فرجة قبل النار، فينظر إليه يحطم بعضها بعضًا، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: هذا مقعدك، على اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى. ويجلس الرجل السوء في قبره فزعًا مشغوبًا، فيقال: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري! فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلته، فيفرج له قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يفرج له فرجة إلى النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، فيقال له: هذا مقعدك، على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى» رواه ابن ماجه [١٣٩].
ــ
و«هل رأيت الله؟» هذا السؤال إنشاء من قوله: «من عند الله» أي كيف تقول: من عند الله؟ هل رأيت الله في الدنيا؟ ومن ثم أجاب بقوله: «ما ينبغي لأحد أن يرى الله». «فيفرج له» أي يكشف له فرجة، ويطرح ما يمنعه من النظر، ذكر ضمير البارز في «إليه» بتأويل العذاب وأنثها في قوله: «بعضها» نظرًا إلى اللفظ و«الحطم» الحبس في الموضع المتضايق الذي يتحطم فيه الخيل، أي يدوس بعضها بعضًا. و«إلى زهرتها» حسنها وبهجتها وكثرة خيرها، و«على اليقين» حال، والعامل ما في حرف التنبيه من معنى الفعل المتضمن لصاحب الحال، أي أنبهك، والتعريف في «اليقين» للجنس، و«كنت» صفة له، وعلى هذا ينزل قوله على الشك والتقدير: أنبهك حال كونك ثابتًا أو مثبتًا على يقينك. ويمكن أن يقال: إن معنى «على» في الموضعين للوجوب، [يعني هذا موضعك، مقعدك حال كذبه واجبًا على الله تعالى وعدًا ووعيدًا لسبب اليقين والشك ومعنى] «إن شاء الله» في الموضعين للتبرك، والتحقيق كقوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ والله أعلم بالصواب.

2 / 602