شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
محقق
د. عبد الحميد هنداوي
الناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت». قال الأعمش: أراه قال: «فيلتزمه». رواه مسلم. [٧١]
٧٢ - وعنه، قال رسول الله ﷺ: «إن الشيطان قد أيس من أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم». رواه مسلم. [٧٢]
ــ
ويتعدوا حدود الله؛ ومن ثم ورد عن النبي ﵊: «لا يدخل الجنة ولد زانية» رواه الدارمي في سننه؛ لأن ولد الزنا يتعسر عليه اكتساب الفضائل الحسنة، ويتيسر له رذائل الأخلاق، والله أعلم بالصواب.
الحديث العاشر عن جابر: قوله: «إن الشيطان» تكلم في الحديث الشارحون، واختصره القاضي وقال: عبادة الشيطان عبادة الصنم، بدليل قوله تعالى حكاية عن إبراهيم: ﴿يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ﴾ وإنما جعل عبادة الصنم عبادة الشيطان، لأنه الآمر به والداعي إليه، و«المصلون» المؤمنون، كما في قوله ﷺ «نهيت عن قبل المصلين» وإنما سمي المؤمن بالمصلي؛ لأن الصلاة أشرف الأعمال، وأظهر الأفعال الدالة على الإيمان. ومعنى الحديث: أن الشيطان أيس أن يعود من المؤمنين أحد إلى عبادة الصنم، ويرتد إلى شركه في جزيرة العرب. ولا يرد على هذا ارتداد أصحاب مسيلمة، ومانعي الزكاة، وغيرهم ممن ارتدوا بعد رسول الله ﵊؛ لأنهم لم يعبدوا الصنم. و«جزيرة العرب» من حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن طولا، ومن رمل يربن إلى منقطع السماوة – وهي بادية في طريق الشام – عرضا، هكذا ذكره أبو عبيد معمر بن المثنى؛ وإنما سميت «جزيرة العرب» لأنها واقعة بين بحر فارس، والروم، ونيل، ودجلة، وفرات. وقال مالك بن أنس ﵁: «جزيرة العرب» مكة، والمدينة، واليمن. «تو»: وإنما خص جزيرة العرب الذكر؛ لأن الدين يومئذ لم يتعد عنها.
أقول: ولعله ﵊ اخبر عما يجري فيها بعده من التحريش الذي وقع بين أصحابه عيه الصلاة والسلام، أي أيس الشيطان أن يعبد فيها، لكن طمع في التحريش بين ساكنيها، وكان كما أخبر، وكان معجزة. والتحريش الإغراء على الشيء بنوع من الخداع، من
2 / 524