وقد رتبت هذه الرسالة على ثلاثة أقسام، القسم الأول في المبادي والمقدمات التي يجب تقديمها في اثبات هذا المطلوب، وفيه فصول:
الفصل الأول في النفس الحيوانية ولواحقها، وفيه أبحاث:
البحث الأول في تحقيقها وبرهان وجودها بقول وجيز:
ان العناصر الأربعة قد يبلغ استعداد مزاجها في التمام إلى درجة أعلى من مزاج المعدن والنبات كما علمت ذلك في موضع أليق به فيقبل حينئذ كمالا أشرف من كماله وهو النفس الحيوانية، وحدها أنها كمال أول لجسم طبيعي آلى معد لقبول الحس والحركة، والاحتراز بالطبيعي عن الصناعي، وبالأول (1) عن الكمال الثاني كالعلم وغيره وبالآلي عن صور العناصر.
واما برهان وجودها فقالوا: ان العضو المفلوج فيه قوة نفسانية لان العناصر المتجاذبة إلى الانفكاك لا تجتمع الا لقاسر قبل الامتزاج وهو مغاير للمزاج وتوابعه لتأخرها عنه وهو اما أن يكون قوة الحس والحركة وهو باطل لعدمها في (2) العضو المفلوج، أو قوة التغذية وهو أيضا باطل لأنها قد تبطل مع بقاء الحيوانية ولان الغاذية موجودة (3) للنبات فلو أعدت لقبول الحس والحركة لكان النبات مستعدا لهما، أو مغايرا (4) لهذين القسمين وهو المطلوب، ولما كانت هذه النفس بعد ما يعمها من القوى (5) النباتية تختص بقوتين، إحداهما مدركة والأخرى محركة وكانت بعد المدركات تنقسم إلى
صفحة ٣