العلوم النظرية هي مستفادة من أرباب الشرائع على سبيل التنبيه وإن كان تحصيل كمالها بالقوة العقلية على سبيل الحجة ثم إن الكمالات الانسانية محصورة في هاتين (1) المرتبتين من الكمال العقلي والعملي والتنزيل الإلهي ناطق بذلك قال الله تعالى حكاية عن خليله إبراهيم عليه السلام: رب هب لي حكما والحقني بالصالحين (2) فالحكم تكميل القوة النظرية، والالحاق (3) بالصالحين تكميل القوة العملية، وقال خطابا لموسى (4) عليه السلام: فاستمع لما يوحى انني انا الله لا اله الا انا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى (5) فالتوحيد كمال القوة النظرية والعبادة كمال القوة العملية وقال حكاية عن عيسى عليه السلام: انى عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا (6) فالاعتراف بكمال العبودية لله يستلزم كمال قوته النظرية بمعرفة الله وقال بعده وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا (7) إشارة إلى كمال القوة العملية وقال خطابا مع محمد صلى الله عليه وآله: فاعلم أنه لا إله إلا الله (8) وذلك إشارة إلى كمال القوة النظرية وقال بعده: واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات (9) وهو إشارة إلى كمال القوة العملية فقد تطبق لسان الوحي ولسان الحكمة على أن الكمال الانساني محصور في العلم والعمل وبالله التوفيق.
الفصل الثالث في أحوال النفس بعد المفارقة، وفيه أبحاث:
البحث الأول في أن النفس باقية بعد خراب البدن برهانه ان كل حادث بعدان لم يكن فلامكان حدوثه قابل لست (10) أعني الامكان
صفحة ٢٥