الماء المطلق والمقيد
الطهور الذي يجوز استعماله دون كراهة هو: الماء المطلق، وهو الماء العاري عن التقييد، والتقييد نوعان: تقييد بإضافة، وتقييد بوصف، فالماء المطلق هو الذي لم يتغير ولم يضف لشيء، كماء السماء وماء البحر وماء البئر وماء النهر.
والقيد نوعان: إما قيد بالإضافة أو قيد بالوصف، قيد الإضافة مثل: ماء ورد، وماء كافور، فقد اختلط الكافور مع الماء فغيره وسلبه اسم الإطلاق وجعله ماء كافور.
والنوع الثاني: مقيد بالوصف، كقول الله تعالى: ﴿مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ [السجدة:٨]، وقوله: ﴿مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق:٦]، فهذا وصف له أنه يتدفق أو أنه مهين.
إذًا: الماء المطلق الذي يصح التطهر به هو الماء الذي لم يضف إلى غيره ولم يوصف بوصف مقيد له، كالماء الدافق وغيره.
والماء المعهود المقترن بألف ولام العهد لا يسمى ماءً مطلقًا، كما قالت أم سليم كما في الصحيح: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ فقال لها النبي ﷺ: (نعم إذا رأت الماء)، فالماء المراد به هنا: ماء المني.
إذًا: الماء الطهور الذي يصح الوضوء به هو: الماء المطلق العاري عن الإضافة أو عن الوصف أو لام العهد، فيستطيع الإنسان أن يتطهر ويتوضأ بماء السماء، قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان:٤٨]، وقال: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال:١١]، فهو طاهر في نفسه مطهر لغيره.
ومن الماء المطلق: ماء البحر، فيجوز التطهر به عند جماهير العلماء خلافًا لأعلم التابعين سعيد بن المسيب فإنه قال: أحب إلي أن يتيمم ولا يتوضأ بماء البحر، واستدل بحديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: (إن تحت البحر نارًا)، وهذا القول يصادم قول النبي ﷺ: (هو الطهور ماؤه)، وحديث: (تحت البحر نار) يحتمل تأويلات: التأويل الأول: كأنه يشبه سرعة جريان الماء في البحر وتلاطم الأمواج بسرعة النار، وهناك تأويل آخر: أن البحر مآله إلى النار، والدليل على ذلك قوله تعالى ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ [التكوير:٦]، فيوم القيامة يحدث ذلك، ونحن الآن بصدد الطهارة من أجل الصلاة.
4 / 3