شرح المصابيح لابن الملك
محقق
لجنة مختصة من المحققين بإشراف
الناشر
إدارة الثقافة الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
تصانيف
العبادة ونورَها لا يتخطى العابد، وكمالَ العلم ونورَه يتعدى إلى غيره، فيُستضاء بنوره المتلقَّى من نور النبي ﵊ كالقمر المتلقِّي نورَه مِن الشمس المنيرة بالذات من خالقها ﷿.
"وإن العلماءَ وَرثَةُ الأنبياء"، وإنما لم يقل: وَرثَةَ الرُّسل؛ ليشملَ الكلَّ.
"وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا"، خصَّ الدرهم بالذكر؛ لأنَّ نفيَ الدينار لا يستلزم نفيَه.
ولا يَرِدُ الاعتراض على هذا بأنّه ﵊ كان له صفايا بني النضير، وفَدَك خيبر إلى أن مات، وخلَّفها، وكان لشعيب ﵇ أغنام كثيرة، وكان أيوب وإبراهيم - عليهما الصلاة والسلام - كلٌّ منهما ذا نعمة كثيرة؛ لأنَّ المراد: أنَّه ما وَرِثَتْ أولادهم وأزواجهم شيئًا من ذلك، بل بقي ذلك بعدهم مُعدًا لنوائب المسلمين.
"وإنما ورَّثوا العلمَ" وإظهارَ الدِّين ونشرَ الأحكام.
"فمَن أخذَه"؛ أي: العلمَ؛ يعني: تَعَلَّمَه.
"أخذَ بحظٍّ": الباء زائدة للتأكيد؛ أي: [أخذَ] حظًّا، وهو النصيب، أو المعنى: ملتبسًا بحظ "وافر" من الحظوظ؛ أي: تام كامل؛ أي: لا حظَ أوفرُ منه، ويجوز أن يكون (أخذ) بمعنى: الأمر، والمعنى: مَن أراد أخذَه فَلْيأخذْ وافرًا منه، ولا يَقْنع بقليله؛ فإن وضعَ الملائكةِ أجنحتَها واستغفارَ المخلوقات لطالِبه من أعلى المراتب للإنسان.
* * *
١٦٢ - وقال أبو أُمامة الباهلي: ذُكِرَ لرسولِ الله ﷺ رَجُلانِ أحدُهُما عابدٌ والآخَرُ عالمٌ، فقالَ رسولُ الله ﷺ: "فضلُ العالِم على العابدِ كفَضْلي على
1 / 203