وهو من نظراء الشيخ أبي الحسن-: كانت المعتزلة قد رفعوا رءوسهم حتى أظهر الله الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم. وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: أفضل أحوالي أن أفهم كلام الشيخ أبي الحسن، وكان لا يتكلم في علم الكلام إلا حيث وجب عليه نصرة الحق. قال الخطيب البغدادي: أبو الحسن الأشعري، المتكلم، صاحب الكتب والتصانيف في الرد على الملحدة وغيرهم من المعتزلة، والرافضة، والجهمية، والخوارج، وسائر أصناف المبتدعة. وهو بصري سكن بغداد إلى أن توفي. وحكي عن الأستاذ أبي إسحاق الإِسفراييني أن أبا الحسن كان يقرأ على أبي إسحاق المروزي الفقه وهو يقرأ على أبي الحسن الكلام. وقد جمع الحافظ الكبير أبو القاسم ابن عساكر له ترجمة حسنة، ورد على من تعرض له بالطعن، وذكر فضائله، ومصنفاته، ومتابعته في كتبه المذكورة السنة، وانتصاره لها، وذبه عنها، ومن أخذ عنه من العلماء الأعلام، سماه "تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري"، وهو كتاب مفيد. وقد صرح الأستاذ أبو إسحاق، وأبو بكر بن فورك في طبقات المتكلمين بأن الأشعري شافعي. توفي في سنة أربع وعشرين وثلائمائة، وقيل سنة عشرين، وقيل سنة ثلاثين. قال أبو محمد بن حزم: إن لأبي الحسن خمسة وخمسين تصنيفًا. ذكره ابن الصلاح في طبقاته.
٦ - هو محمد بن عبد الوهاب بن سلام أبو علي الجبائي. أحد أئمة المعتزلة، أخذ علم الكلام عن الشحام المعتزلي رئيس المعتزلة البصرية في عصره، وأخذ عنه الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري علم الكلام وله معه مناظرات ذكر الأشعري بعضها في "مقالات الإِسلاميين" ولد سنة ٢٣٥ هـ، وتوفي في شعبان سنة ٢٠٣ هـ.
وأما شيوخ سلسلة فتيا الفقه والأصول فهذه ترجمتهم:
١ - الحسين بن مسعود بن محمد، العلامة محيي السنة أبو محمد البغوي، ويعرف بابن الفراء تارة وبالفراء أخرى. أحد الأئمة، تفقه على القاضي الحسين. وكان دينًا، عالمًا، عاملًا على طريقة السلف، وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة، وكان قانعًا باليسير، يأكل الخبز وحده فعدل عن ذلك فصار يأكله بالزيت. قال الذهبي: كان إمامًا في التفسير، إمامًا في الحديث، إمامًا في الفقه. بورك له في تصانيفه ورزق القبول لحسن قصده وصدق نيته. وقال السبكي في تكملة شرح المهذب: قل أن رأيناه يختار شيئًا إلا وإذا بُحث عنه إلا وُجد أقوى من غيره، هذا مع اختصار كلامه، وهو يدل على: نبل كبير، وهو حري بذلك فإنه جامع لعلوم القرآن والسنة والفقه. توفي بمرو الروذ في شوال سنة
1 / 107