شرح أثر ابن مسعود ﵁ (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم)
قال المصنف ﵀: [وقال عبد الله بن مسعود ﵁: اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم] .
قوله: (اتبعوا)، أي: ابحثوا عن الاتباع، وقوله: (ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم)، أي: أن الشريعة كاملة، ومنهج السلف الصالح الذين طبقوا هذه الشريعة كان منهجًا كاملًا، فلستم بحاجة إلى أن تخترعوا أشياء، ولهذا من العجيب جدًا أن كثيرًا من المسلمين يظن أن الأمور لا تصلح إلا بأن يأتي هو بشيء جديد، ويريد أن يزيد تعبيد الناس لربهم ﵎، فمثلًا: في باب الأذكار نجد أذكارًا مبتدعة؛ ونحن لسنا بحاجة إلى أذكار التيجانية ولا النقشبندية ولا الأحمدية ولا غيرها من الطرق الصوفية، فإن عندنا مما ثبت من كتاب الله وفي سنة رسوله ﷺ مئات الأذكار التي لو طبقناها وأخلصنا في تطبيقها لكنا أعبد الناس، ففي كل حالة وفي كل لحظة من لحظات الإنسان هناك أذكار، فهناك أذكار في الصباح في المساء أعقاب الصلوات في القدوم في الركوب في السفر في النوم في الاستيقاظ، بل حتى والإنسان في أخص خصوصياته مع أهله، كل هذه الأمور ورد فيها ذكر.
فهل نحن بحاجة إلى أن نقول: إن الناس فعلًا انحرفوا وضلوا، فنحن بحاجة إلى أن نقربهم؟
الجواب
لا، والله! لقد كفينا، ورسول الله ﷺ ما انتقل إلى الرفيق الأعلى إلا وقد أكمل الشريعة، وأكمل التبليغ، ووصلنا هذا كاملًا والحمد لله بأسانيد صحيحة، فلسنا بحاجة أبدًا إلى أن يأتينا أناس يكملون.
ولهذا صارت هذه الأمور ما هي إلا بدع وضلالات؛ لأن فيها اتهامًا للرسول ﷺ بأنه ما كمل هذا الدين، وما كمل التبليغ، وفيها اتهام لربنا ﵎ وتقدس وتنزه أنه لم يكمل لنا الشريعة.
يقول ابن مسعود: (فقد كفيتم)، نعم نحن مكفيون بكتاب الله ﷿ وبما صح من سنة رسوله ﷺ، ومكفيون بذلك التطبيق العملي من أصحاب الرسول ﷺ، فلسنا بحاجة إلى أن نأتي ببدع نزعم أننا نقرب الناس بها إلى ربهم ﵎.
2 / 16