القرآن الكريم له أول وآخر وأجزاء وأبعاض
قال ابن قدامة ﵀: [له أول وآخر] .
أي: أن القرآن له أول وله آخر، ونقول: إنه مفتتح بـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة:٢]، ومختتم بقوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ [الناس:٦] .
ثم قال: [وأجزاء وأبعاض] .
نقول: القرآن ثلاثون جزءًا، كما نقول: معك جزء من القرآن، ويقول القائل: معي بعض القرآن، أو معي سور منه، أو معي سورة كذا، وهذا كله واضح، فهذا القرآن العظيم تكلم الله به بمشيئته وإرادته.
وفي قوله (أجزاء وأبعاض) رد على من يزعم أن كلام الله ﷿ واحد؛ لأن الأشعرية يقولون: كلام الله واحد لا يتبعض ولا يتجزأ، وإن القرآن والتوراة والإنجيل واحد، لكن لما عبر عنه بالعربية صار قرآنًا، وبالعبرية صار توراة، وبالسريانية صار إنجيلًا، وهذا خطأ؛ لأن القول بأن كلام الله واحد لا يتبعض غير صحيح، ولهذا قال لهم العلماء: إذا قلتم إن كلام الله واحد، فموسى لما سمع كلام الله هل سمع كلام الله كله أو بعضه؟ فإن قلتم: بعضه، نقضتم قولكم، وإن قلتم: كله، كان قولكم باطلًا؛ لأنه لا يعقل أن يكون موسى سمع كلام الله كله؛ لأن كلام الله ﷿ لا يتناهى، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ [لقمان:٢٧]، ولا مفهوم للعدد هنا، فلو جاء سبعة وسبعة وسبعة ما نفدت كلمات الله.
إذًا: الصحيح: أن موسى سمع ما كلمه الله ﷾ به.
7 / 13