التفويض ومخالفته لطريقة السلف
قال المصنف بعد تقريره لهذه القاعدة في الصفات: [وما أشكل من ذلك -أي: في باب الصفات- وجب إثباته لفظًا، وترك التعرض لمعناه، ونرد علمه إلى قائله، ونجعل عهدته على ناقله].
هذه المسألة من أشد ما أخذ على الموفق ﵀، وكما أسلفت فرسالته هذه ليس فيها غلط محض بيِّن، إنما فيها بعض الأحرف المحتملة، فهل هذه العبارة من المصنف تقرير للتفويض، أم لا؟
وقبل الجواب ينبغي أن يعلم أن الاعتبار دائمًا يكون بتحقيق الحقائق، وأما أن هذا المعين من الناس يقول بهذا المذهب أو لا يقول به، فهو غير مهم، والمهم أن يكون بين لنا ومعلوم أن التفويض في الصفات طريق بدعيٌ لا أصل له في كلام السلف.
فكما أن السلف ﵏ تركوا التأويل، وقالوا بوجوب البقاء على ظواهر النصوص، وأن النصوص معناها واحد، إلى غير ذلك، فإنهم تركوا قول المفوضة أيضًا، والمراد بالمفوضة: هم من زعموا أن هذه النصوص يُعمل بألفاظها وأما معانيها فليس هناك معنىً يُؤمن به، وإنما يفوض العلم بالمعنى إلى الله، وهذا مذهب غلط ومبتدع، وكما قال الإمام ابن تيمية ﵀: "إن قول المفوضة من شر أقوال أهل البدع".
2 / 10