قل في بغية الآمال: إذا عرف أن الماضي على وزن فعل بفتح العين، ولم يعرف المضارع فالوجه أن يجعل يفعل بالكسر، لأنه أكثر والكسرة أخف من الضمة، كذا قال أبو عمرو المطرز حاكيا عن الفراء إذا أشكل عليك يفعل بالضم أو يفعل بالكسر، فتب على يفعل بالكسر، فإنه الباب عندهم، والمختار الأول.
قال أبو عمر إسحاق بن صالح الجرمي: سمعت أبا عبيدة يروي عن أبي عمرو بن العلاء، قال: سمعت الضم والكسر في عامة هذا الباب، لكن ربما اقتصر فيه على أحد الوجهين إما على الضم فقط كقولك يقتل ويخرج، وإما على الكسر فقط نحو قولك: يضرب فهذا الذي اقتصر على وجه واحد فيه لا بد فيه من السماع، ومراده بأبي عبيدة، أبو عبيدة الوهبي الأباضي من أصحابنا رحمه الله ورضى عنه، وهو من العلماء المتقنين وترجمته مبسوطة في السير، ويكفي ما قاله الشميني في حاشيته المغنى أنه لم يكن أعلم منه في الخوارج، ولا في غيرهم.
وقول صاحب فتح الأقفال: إنه تتبع مواد الصحاح والقاموس، ولم ير مادة من هذا القسم إلا منصوصا على ضبطها بضم أو كسر أو بها، وأنه لم يظهر ما هو الذي يجوز فيه الوجهان قياسا عند عدم سماع أحدهما سهو وقصور، فإن صاحب القاموس قد تتبع وتفحص في ذلك فضبط كل كلمة لم تشهر بضم أو كسر بالضم والكسر، وخلطها بما اشتهر، ولم ينبه على عدم الشهرة، وأن من ذلك عتل فإن مضارعه لم يشتهر بضم أو كسر، ولم يسمع أحدهما أو سمع بدون شهرة فنجيز فيه الآخر، وهو بمثناة فوق، ومعناه دفعه بتعنف.
ويفهم من قوله: إذا تعين بعضهما إلخ أن ما شهر بكسر يكسر، أو بضم يضم، وأن ما فيه داعي الضم يضم، وهو كونه متعديا مضاعفا، أو واوي العين أو اللام، أو دالا على الغلبة، وأن ما فيه داعي الكسر يكسر، وهو كونه واوي الفاء أو يائي العين أو اللام، أو مضاعفا لازما.
صفحة ٩١