وأجازه بعضهم على معنى نفي الخرس يقول: الله متكلم، أي ليس بأخرس، والمراد بالخطاب قصد شيء بالكلام، فلا يرد علينا منع صاحب السؤالات أن يقال: خاطبت الله، فالتاء في: تغفر لنا يا الله للخطاب، أي لقصد الله بالكلام على وجه الخضوغ، وإنما يمنع القول خاطبت الله على معنى عاليته وعاظمته، تعالى الله عن النقائض.
والمراد بالغيبة عدم الخطاب والتكلم، ولو كان من له الفعل حاضرا، فإذا كان زيد حاضرا وقلت لأحد: يقوم زيد، فالياء الغيبة، والفعل فعل غائب، فالياء في: يقول الله كذا للغيبة، بمعنى أن الفعل لم يخاطب به أحد، ولم يتكلم به لنفسه الناطق، بل نسبه لغيره لا على وجه الخطاب، فلا يرد علينا أن الله في كل مكان لا يوصف بالغيبة.
وزعم بعضهم أن عدم إطلاق لفظ الغائب إنما هو على مذهب من قال: إن أسماء الله توقيفية، أما على مذهب المعتزلة والباقلاني فإنه إذا دل دليل على ثبوت معنى لفظ في حقه تعالى، جاز إطلاقه فيطلق، فيجوز الله غائب أي غير مخاطب، ولا متكلم، قلت: ذلك باطل لاتفاق المعتزلة وغيرهم، على أن شرط الإطلاق أن لا يوهم ما لا يليق بكبريائه تعالى، وإطلاق لفظ الغائب يوهم عدم الحضور، بل اشترط السعد مع ذلك الإشعار بالجلال، فيطلق لفظ غائب على لفظ الله، أي على هذه الحروف، لا على الذات، والمراد بالمذكر ما ليس بمؤنث، ومع هذا لا يطلق على الذات، لأنه يوهم بل على اللفظ فإن لفظ الله مذكر لعدم علامة التأنيث لفظا ومعنى وتقديرا.
صفحة ٣٠