"قلنا: أصلحك الله، حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: دعانا النبي -صلى الله عليه وسلم - -ليلة العقبة- فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا" يعني بما اشترط علينا "أن بايعنا على السمع والطاعة" له، السمع والطاعة له، يعني وفي حكمه من يلي أمر المسلمين بعده إلى قيام الساعة من المسلمين، "في منشطنا -يعني في وقت نشاطنا- ومكرهنا" يعني فيما ننشط للاستجابة إليه، "وفي مكرهنا" فيما نكره الإجابة إليه مما يطلبه ولي الأمر، يعني في نشاطنا وعجزنا، فيما نريده وما لا نريده إذا لم يكن معصية لله -عز وجل-، "وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا" لو حصلت الأثرة بايعناه على أن نفي لمن ولاه الله أمرنا، "وأن لا ننازع الأمر أهله" الملك لا ينازع من تولاه، ويستوي في ذلك من تولى باختيار من أهل الحل والعقد ممن تتوافر فيه الشروط، أو تولى بقوته وسلطانه وسيفه، ولو تخلفت فيه بعض الشروط، ففي حال الاختيار لا يجوز أن يولى على المسلمين إلا من اجتمعت فيه الشروط، في حال الإجبار والإكراه إذا تولى بقوته على المسلمين أن يسمعوا ويطيعوا ولو كان عبدا حبشيا، وإن كان في الأصل لا يجوز تولية العبد الحبشي ابتداء واختيارا، لكن إذا تولى بقوته فإنه حينئذ يجب له السمع والطاعة.
"وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا" بواحا ظاهرا باديا لا يختلف فيه، قد يوجد من بعض الأمراء مما يرتكبه من المخالفات ما يختلف فيه هل هو مكفر أو غير مكفر؟ هل يخرج من الملة أو لا يخرج؟ مثل هذا لا يجوز الخروج عليه لماذا؟ لأنه ليس بكفر بواح، لأنه ليس بكفر بواح، إنما الموجب للخروج ونزع اليد من الطاعة إنما هو الكفر البواح الظاهر البادي، "عندكم فيه من الله برهان" يعني نص من القرآن أو السنة لا يحتمل التأويل، فإذا كان عندنا برهان، نص من كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- على كفر مرتكب هذا العمل مما لا يحتمل التأويل فإنه حينئذ لا سمع ولا طاعة.
صفحة ٢١