"قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ " يعني أن نفعل، ماذا نفعل إذا وجدنا مثل هذا؟ إذا وجدنا مثل هذا التغير من ولاة الأمر من أمراء وأعوان ماذا نفعل؟ يعني هل نقاومهم؟ هل نرضى بالأثرة؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أدوا إليهم حقهم)) يعني مما يجب لهم من السمع والطاعة، وأدوا إليهم الزكاة، وجاهدوا معهم، وصلوا وراءهم ((أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم)) يعني ما يحصل فيه التقصير سلوا الله -عز وجل-، فلا يجوز للإنسان أن تكون همته الدنيا، إن أعطي منها رضي، وإن لم يعط منها لم يرض، إن أعطي من أمور الدنيا وفى، وإن لم يعط من أمور الدنيا لم يف، ليكن همه الآخرة، وما يأتيه من أمور الدنيا مما يعينه عليها من غير استشراف يأخذ، كما جاء في حديث أبي ذر عند مسلم، الذي يأتي المسلم من غير استشراف، ولا يغلب على ظنه أنه يراد له مقابل يأخذه، إن تورع عنه فالورع له باب، لكن إن أخذ لا بأس، إن جاءه من غير طلب ولا استشراف، يقول أبو ذر: "فإن كان ثمنا لدينك فلا"، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قالوا، لما أخبرهم أنه سيكون هناك أثرة وأثرة، وتقديم وتأخير، وزيادة ونقص، وإبعاد وتقريب، هذا موجود على مدى العصور، من بعد الخلفاء الراشدين ظهر هذا الأمر، وكل سنة يزداد الأمر، طيب ماذا نفعل يا رسول الله إذا حصل هذا؟ يعني مقتضاه أن هذا منكر، والمنكر يجب تغييره، فهل نغير؟ قال: لا ((أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقهم)) ولا يمنع هذا من النصح، فالنصيحة هي الدين، كما جاء في حديث تميم: ((الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)) فلا يعني أن الإنسان يقف وهو ممن آتاه الله القدرة على النصح، والقدرة على التأثير والبيان أن ينصح ولاة الأمر بالرفق واللين، بالأسلوب المجدي النافع الذي يحقق المصلحة دون ترتب أي مفسدة، ((أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم)).
صفحة ١٧