شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري - الغنيمان

عبد الله بن محمد الغنيمان ت. غير معلوم
74

شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري - الغنيمان

الناشر

مكتبة الدار

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٥ هـ

مكان النشر

المدينة المنورة

تصانيف

كاملة تناسب عظمته، فلا يتوهم أن في ذلك تشبيهًا كما يتزعمه أهل البدع الذين ظنوا أن مجرد المشاركة في الاسم أو المعاني يفيد التشبيه، فنفوا صفات الله-تعالى- من أجل ذلك. وأما المخلوق فأسماؤه وصفاته ليست حسنى، ولا كاملة، فهي تناسب ضعفه وعجزه، والذي يوضح مراد البخاري بذلك الحديثان اللذان ذكرهما"لا يرحم من لا يرحم الناس"، وفي الآخر "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"، فإذا كان المخلوق يرحم، ويسمى رحيمًا، والله-تعالى- يرحم ويسمى رحيمًا، فليس ما يخص الله- تعالى- من هذا الاسم أو الفعل مماثلًا أو مقاربًا لما يخص المخلوق، فلا يجوز تأويل أو نفي رحمة الله-تعالى- وغيرها من صفاته، من أجل توهم أن مجرد المشاركة في المعنى يلزم منها التشبيه، والله أعلم. قال ابن القيم: "أسماؤه-تعالى- كلها مدح وثناء وتمجيد، ولذلك كانت حسنى وصفاته كلها صفات كمال" (١) . وما ذكره بعض الشراح: مم أن البخاري ذكر هذا الباب ليكون كالأصل لما بعده من الأبواب، وما بعده كالفرع عليه، وقال: إنه قصد الاسمين المذكورين في الآية، وهما "الله"، "والرحمن"؛ لأنهما خاصان بالله-تعالى-، فليس بظاهر، وهذان الاسمان جاء ذكرهما كثيرًا فيما بعد، والظاهر لي - والله أعلم- ما أشرت إليه فيما سبق قبل قليل، يوضح ذلك ما جاء في سبب النزول كما قال الحافظ، "والرحمن" يأتي تابعًا "لله" كغيره من الأسماء الحسنى. فهو أراد بهذا الباب ما دلت عليه الآيات الأخرى كقوله-تعالى-: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾ (٢)، وقوله: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ (٣)، وقوله: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾ (٤) .

(١) "مدارج السالكين" (١/١٢٥) . (٢) الآية ٢٤ من سورة الحشر. (٣) الآية ١٨٠ من سورة الأعراف. (٤) الآية ٨ من سورة طه.

1 / 76