شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري - الغنيمان
الناشر
مكتبة الدار
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٥ هـ
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن يظن برسول الله ﷺ أنه لم يبين ما يعتقده العبد في ربه؛ لأن هذا هو الذي أمر بتبليغه.
قال شيخ الإسلام: " من المحال في العقل والدين أن يكون الرسول الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل عليه الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله والعلم به ملتبسًا مشتبهًا، ولم يميز بين ما يجب لله، من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وما يجوز عليه، وما يمتنع عليه، فإن معرفة هذا أصل الدين، وأفضل الأعمال، فكيف يكون القرآن والرسول والصحابة - وهم أفضل الخلق بعد النبيين - لم يحكموا هذا الباب اعتقادًا وقولًا؟ ".
ومحال أن يعلم النبي ﷺ أمته أدب الأكل والشرب، وقضاء الحاجة، ونحو ذلك، ويترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم، وما يعتقدونه في قلوبهم، في ربهم ومعبودهم، مع كون ذلك غاية المعارف، وأشرف المقاصد، والوصول إليه غاية المطالب، مع قوله ﷺ: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم" (١) .
ومحال أن يكون الذين كان فيهم رسول الله ﷺ والذين يلونهم غير عالمين للحق في باب معرفة الله، وغير قائلين به.
ومعلوم أن من في قلبه حياة ومحبة للعبادة، أنه يحرص أشد الحرص على معرفة ذلك.
وقد صح عنه ﷺ أنه قال: (٢) " خير الناس قرني، ثم الذين
_________
(١) انظر "صحيح مسلم" (١٢/٢٣٣) شرح النووي، في الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، وابن ماجه في الفتن، انظر (٢/١٣٠٦) رقم (٣٩٥٦)، والنسائي في البيعة (٧/١٥٣) .
(٢) البخاري، انظر "الفتح" (٧/٢) و(١١/٢٤٤، ٥٤٣) .
1 / 8