"فَصْلٌ"
الْفَصْلُ لُغَةً: الْحَجْزُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. وَمِنْهُ فَصْلُ الرَّبِيعِ؛ لأَنَّهُ يَحْجِزُ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. وَهُوَ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ كَذَلِكَ؛ لأَنَّهُ يَحْجِزُ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَسَائِلِ وَأَنْوَاعِهَا١.
وَلَمَّا كَانَ مَوْضُوعُ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ: الأَدِلَّةَ الْمُوَصِّلَةَ إلَى الْفِقْهِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الدَّلِيلِ، وَلا عَلَى نَاصِبِهِ، أَخَذَ فِي تَعْرِيفِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
"الدَّالُّ: النَّاصِبُ لِلدَّلِيلِ"٢ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ. قَالَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ. وَأَنَّ الدَّلِيلَ الْقُرْآنُ٣.
وَقِيلَ: إنَّ الدَّالَّ وَالدَّلِيلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَإِنَّ "دَلِيلَ" فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، كَعَلِيمٍ وَسَمِيعٍ، بِمَعْنَى عَالِمٍ وَسَامِعٍ٤.
"وَهُوَ" أَيْ وَالدَّلِيلُ "لُغَةً" أَيْ فِي اللُّغَةِ: "الْمُرْشِدُ" يَعْنِي أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْمُرْشِدِ حَقِيقَةً "وَ" عَلَى "مَا" يَحْصُلُ "بِهِ الإِرْشَادُ" مَجَازًا. فَالْمُرْشِدُ: هُوَ النَّاصِبُ لِلْعَلامَةِ أَوْ الذَّاكِرُ لَهَا. وَاَلَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الإِرْشَادُ هُوَ الْعَلامَةُ الَّتِي نُصِبَتْ لِلتَّعْرِيفِ٥.
_________
١ انظر المطلع للبعلي ص٧.
٢ قاله الآمدي والشيرازي والباجي والباقلاني وغيرهم "انظر الإحكام للآمدي ١/ ٩، اللمع ص٣، الحدود ص٣٩، الإنصاف ص١٥".
٣ في ش: هو القرآن.
٤ حكاه الشيرازي والآمدي. "انظر الإحكام للآمدي ١/ ٩، اللمع ص٣".
٥ انظر تفصيل الموضوع في "العبادي على شرح الورقات ص٤٧، اللمع ص٣، العضد على ابن الحاجب ١/ ٣٩، الحدود ص٣٧، التعريفات ص١٠٩".
1 / 51