شرح كشف الشبهات لمحمد بن إبراهيم آل الشيخ
محقق
محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
الناشر
طبع على نفقة محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩هـ
تصانيف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(فالجواب) نعم (أن الله أعطاه الشفاعة) وهو سيد الشفعاء لكن الذي أعطاه الشفاعة هو الله (ونهاك عن هذا) نهاك أن تطلبها منه١ فهذا من جهله يطلب شيئًا منهيًا عنه، مع أن إعطاءه الشفاعةَ إعطاءٌ مقيدٌ ر مطلقًا، كما أن إعطاءه المال ﷺ لا يعطيه من شاء إنما يعطيه من أُمِر أن يعطيه (فقال تعالى: ﴿فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ ٢) فهذا نهي عن دعوة غير الله، ودعوةُ غير الله أنواع: منها دعوة غير الله فيما يرجونه من شفاعتهم، ومنها دعوة غير الله لكشف الكربات ونحو ذلك؛ وهذا منهي عنه بل هو حقيقة دين المشركين الأولين، إنما كانت عبادتُهم آلهتهَم بالدعاء وطلب الشفاعة ونحو ذلك كما تقدم (فإذا كنت تدعو الله) الظاهر أن مراده ترجو الله (أن يشفِّع نبيه فيك فَأَطِعْه في قوله ﴿فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾) إذا منت ترجو أن تكون أهلًا لشفاعة سيد الشفعاء فوحِّد الله وأخلِص له العمل تَنَلْ شفاعة المصطفى ﷺ؛ فإن الشفاعة التي هي حق وأعطيها ﷺ مشروطة بشرط كما تقدم وبينت الشريعة أن سبب نيلها اتباع الرسل وإخلاص العمل فبذلك يكون من أهل الشفاعة. فالمشركون ضيَّعوا سبب الشفاعة وضادُّوه وخالفوه. الشريعة بينت أن سبب أعطائه
_________
١ أي ملازمة بين كونه أُعطي الشفاعة وبين كونها تُطلب منه، والمشركون أكثر ما يعبدون صلحاء ومع ذلك أي دليل على طلبها أقر أحد أو جاء شيء من النصوص؟! الصحابة طلبوه إياها؟! بل النصوص جاءت بالنهي عن ذلك. وما دعاء غير الله؟ هو أن يقول: يا فلان، اشفع لي. هذا شركهم؛ يدعون مخلوقًا رجاء شفاعته، فصار لا فرق بين أن يصرِّح بنفس تلك العبارة فيقول اشفع لي، أو يذبح لأن يشفع له. (عبارة أخرى) .
٢ سورة الجن، الآية: ١٨.
1 / 75