شرح كشف الشبهات لمحمد بن إبراهيم آل الشيخ
محقق
محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
الناشر
طبع على نفقة محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩هـ
تصانيف
إذا عرفت ذلك وعرفت أن الطريق إلى الله لا بد له من أعداء قاعدين عليه، أهل فصاحة وعلم وحجج، فالواجب عليك أن تتعلم من دين الله ما يصير سلاحًا لك تقاتل به هؤلاء الشياطين الذين قال إمامهم ومقدمهم لربك ﷿: ﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ .
ــ
يرجعون إليها (وحجج) لكنها عند التحقيق مثل السراب عند المناظرة تبين أنها لا شيء ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ عند الحاجة إليه. ومن تلك الحجج ما تقدم ومنها ما يأتي الجواب عنه. والعلم: هو الموروث عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وأما علمهم فهو إما منامات –أحلام- أو تُرهَات باطلة لا أصل لها، ومنها شيء صحيح في نفسه لكن لا يفهمونه وهو في الحقيقة لا يدل على باطلهم بل هو رد عليهم، والدليل أن عندهم علومًا كثيرة وكتبًا وحججًا قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ ١.
(إذا عرفت ذلك) يعني ما قرَّره وقدمه المصنف (وعرفت أن الطريق إلى الله لا بد له من أعداء قاعدين عليه) ملازمين له لا ينفكُّون عنه ولا يرجعون عنه أبدًا، قصدُهم الإغواء والصدف عن هذا الصراط المستقيم (أهل فصاحة) وبلاغة في المنطق (وعلم وحجج) على باطلهم؛ ولكنها ليست من الحجج الموروثة عن الأنبياء صلوات
_________
١ سورة غافر، الآية: ٨٣.
1 / 45