شرح كشف الشبهات لمحمد بن إبراهيم آل الشيخ
محقق
محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
الناشر
طبع على نفقة محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩هـ
تصانيف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المبلغ (فلا يعذر بالجهل) . وقد يقولها وهو مجتهد (يظن أنها تقربه إلى الله) زُلفَى (كما ظن المشركون) يعني في جنس شركهم وتوسلهم إلى غير الله، قصدُهم أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، فيصرِفون لهم خالص العبادة من أجل جهلهم، يقولون إنهم يسألون لنا من الله وأنهم أقرب منا إليه، ولكن هذا هو عين الشرك الأكبر (خصوصًا إن ألهمك الله ما قص عن قوم موسى مع صلاحهم وعلمهم) لما مروا بقوم يعكفون على أصنام لهم (أنهم أتوه قائلين: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ فقال منكرًا عليهم ﴿قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ ١ (فحينئذ) إذا عرفت أن الرجل يكفر بكلمة ... إلخ. (يعظم خوفك وحرصك على ما يخلصك من هذا وأمثاله) ومن أسبا الخلوص من هذا الداء العضال التفتيشُ عن مبادئه ووسائله وذرائعه خشية أن تقع فيه وأنت لا تشعر، وكان حذيفة بن اليمان ﵁ يقول: "كان أصحاب رسول الله ﷺ يسألونه عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني"٢. ومن أسباب التخلص من هذا صدقُ الابتهال إلى الله وسؤاله التثبيت، وكثيرًا ما كان رسول الله ﷺ يدعو بهذا الدعاء: "اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك"٣، كما ابتهل الخليل ﵇ إلى الله فقال: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ
_________
١ سورة الأعراف، الآية: ١٣٨.
٢ البخاري في علامات النبوة وأبو داود في الفتن "كان الناس ... إلخ".
٣ أخرجه الترمذي "كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
1 / 42