شرح كشف الشبهات لمحمد بن إبراهيم آل الشيخ
محقق
محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
الناشر
طبع على نفقة محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩هـ
تصانيف
يعلمون أن مراد النبي ﷺ بهذه الكلمة هو إفراد الله بالتعلُّق، والكفر بما يُعَبد من دونه والبراءة منه; فإنه لما قال لهم قولوا: لا إله إلا الله، قالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ .
ــ
العبادة المفرِدة ربَ العالمين بالألوهية استحقاقًا وعملًا وفهمًا لذلك (والمراد من هذه الكلمة) كلمة لا إله إلا الله (معناها لا مجرد لفظها) فإنه لا يكفي فيها أريد بها، وإن كان لابد من النطق بها عند إسلام العبد، لكن هي مقصودة لغيرها وهو العمل بما دلت عليه، هي من الوسائل لا من الغايات، فلا يكفي اللفظ بدون المعنى، ولا يكفي المعنى بدون اللفظ. (والكفار الجهال يعلمون أن مراد النبي ﷺ بهذه الكلمة هو إفراد الله بالتعلُّق والكفر بـ) جميع (ما يُعَبد من دونه) كَهُبَل ونحوه، وهذا فهم صحيح (والبراءة منه) وأن يتبرأ منه، ودليل ذلك وبرهانه (فإنه لما قال لهم: قولوا لا إله إلا الله) فرُّوا واستنكروا من إفراد الله بالعبادة و(قالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ ١) أي: أَجَعَل المعبودات معبودًا واحدا؟! فدلَّ على أنهم عرفوا معناها، وقالوا فيما حكاه الله عنهم ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ﴾ ٢. فالتوحيد هو الحق وهو النور لكن عقولهم فسدت وأفسد مزاجَها الشركُ؛ لأنها نشأت عليه وألفته، فصارت لا تستنكره. فصاروا كالمريض الذي إذا أُتي بالشيء الحلو قال هذا مُرّ لفساد مزاجه، ولم تنشأ على الوحيد فاستنكرته.
_________
١ سورة ص، الآية: ٥.
٢ سورة الصافات، الآيتان: ٣٥، ٣٦.
1 / 37