187

ومنهم من جعله اسم جمع وهو مذهب سيبويه، وهو الصحيح بدليل قوله:

بنيته بعصبة من ماليا

أخشى ركيبا أو رجيلا عاديا

فصغر ركبا على لفظه، ولو كان جمعا لرده إلى واحده.

ومما شذ فجمع وبابه أن لا يجمع الجمع، وذلك أن الغرض بالجمع إنما هو التكسير، والجمع قد تقدم أنه ينقسم قسمين: قسم للقليل وقسم للكثير، فإذا أرادوا الكثير أتوا باللفظ الموضوع له فيغني ذلك عن جمعه، لكنه قد جاء منه شيء يحفظ ولا يقاس عليه.

فمن ذلك أياد في جمع أيد وأواطب في جمع أوطب، وعليه قوله:

تحلب منها ستة الأواطب

وأسام جمع أسماء وأساور جمع أسورة وأباييت جمع أبيات وأناعم جمع أنعام وأقاويل جمع أقوال ومصارين جمع مصران الذي هو جمع مصير، وحشاشين في جمع حشان الذي هو جمع حش وهو الكنيف، وجمائل في جمع جمال، وعليه قوله:

وقربن بالزرق الجمائل بعدما

تقوب عن غربان أوراكها الخطر

وأعطيات وأسقيات وبيوتات ومواليات بني هاشم، ودور ودورات وعوذ وعوذات وعليه قوله:

لها بحقيل فالثميرة منزل

ترى الوحش عوذات به ومتاليا

وقالوا: صواحبات يوسف وحمر وحمرات وطرق وطرقات وجزر وجزرات، وقالوا: أنضاء وأناض، وهو ما رعى من النبات حتى أضعف، وعليه قوله:

ترعى أناض من جزيز الحمض

وقالوا: آصال في جمع أصل الذي هو جمع أصيل.

ومن الناس من زعم أن آصالا لا يمكن أن تكون جمع أصل، لأن أفعالا من أبنية القليل، وفعل من أبنية الكثير، فلا يتصور جمع ما هو للكثير على صيغة جمع القلة، لأن ذلك نقيض ما أريد بجمع الجمع من التكثير، وزعم أن آصالا جمع أصل الذي هو بمعنى أصيل، واستدل على ذلك بقوله:

وخمار غانية شددت برأسها

صفحة ١٨٧