104

وحجته أن التنوين في الأحوال الثلاثة قبله فتحة فأشبه زيدا في حال النصب وكما أنك تبدل من التنوين في زيد المنصوب الألف فكذلك رحى وأمثاله تبدل من تنوينه ألفا إذا وقفت عليه في جميع الأحوال.

ومنهم من ذهب إلى أن الألف في حال الرفع والخفض ألف الأصل وفي حال النصب تبدل من التنوين وهو مذهب سيبويه، وحجته إجراء الفعل المعتل مجرى الصحيح، فكما أنك تحذف التنوين في الوقف على زيد في حال الرفع والخفض فكذلك تفعل برحى، وكما أنك تبدل من التنوين ألفا في حال النصب فكذلك تفعل برحى في النصب أيضا.

ومنهم من ذهب إلى أن الألف التي في آخر رحى إذا وقفت عليه في جميع الأحوال ألف أصل وهو مذهب الكسائي.

وحجته إن التقى ساكنان: ألف الأصل والتنوين لم يكن بد من حذف أحدهما، وكان حذف التنوين أولى لأنه زائد، لأن التنوين مما يحذف في الوقف في غير التقاء الساكنين فكيف إذا التقى مع ساكن آخر.

والصحيح ما ذهب إليه سيبويه. وأما مذهب الكسائي فالذي يبطله أن الألف لا تمال في حال النصب ولا تقع قافية، فدل ذلك على أنها ليست ألف الأصل، إذ لو كانت أصلا لم يمنع شيء من ذلك فيها.

وأما مذهب المازني فالذي يدل على فساده أن الألف تمال في حال الرفع والخفض وتقع قافية، ألا ترى أن القراء قد قرأوا: مفترى وقرى إذا كان في موضع رفع أو خفض بالإمالة إذا وقفوا ولم يفعلوا ذلك فيها في حال النصب، ولو كانت بدلا من التنوين لم يجز ذلك فيها، فتبين إذن أن الصحيح ما ذهب إليه سيبويه.

فإن قيل: فقد أوقع العجاج الألف في حال النصب قافية، قال:

خالط من سلمى خياشيم وفا

فالجواب: إنه إنما جاز ذلك على أن تكون الألف ألف وصل ويكون التنوين محذوفا من المنصوب في حال الوقف على لغة من قال: رأيت زيد، بسكون الدال فيكون نحو قول الشاعر:

شئز جنبي كأني مهدأ

جعل القين على الدف إبر

يريد: إبرا.

صفحة ١٠٤